"كذبت يهود لو أن الله أراد أن يخلقه لم تستطع أن تصرفه".
وذكره من طرق في بعضها لما أصبنا سبى خيبر سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال:"ليس من كل الماء يكون الولد وإذا أراد الله عز وجل أن يخلق شيئا لم يمنعه شيء" يحتمل أن يكون المذكور في رواية جذامة على ما كان عليه من الاقتداء بشرائع من قبلنا ما لم يحدث لذلك ناسخ ولعله قد كاشفهم عن ذلك كشفا هو في كتابهم فكذبوا كما فعلوا في آية الرجم ثم أعلمه الله تعالى بكذبهم فأعلم بذلك أمته وأباح العزل على ما في حديث أبي سعيد ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله أن يخلق شيئا لم يمنعه شيء" يعني أن الله تعالى بلطيف قدرته إذا شاء خلق الولد يوصل إلى الرحم من النطفة مع العزل ما يكون منه ولد وإن لم يشأ لم يكن ولد وإن وصل الماء كله إلى الرحم فالولد مخلوق بالقدرة عزل أو لم يعزل وذهب قوم إلى أن في النطفة روحا فكان العزل إتلافا للروح فجعله وأدا ولكن الله تعالى قد أوضح الوقت الذي يكون فيه الحياة في المخلوق من النطفة بقوله: {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} فقبل ذلك ما ثمة فيها روح لأنه ميت كسائر الأشياء التي لا حياة لها يؤيده أنه لما اختلف الصحابة فيه فقال عمر: قد اختلفتم وأنتم أهل بدر الأخيار فكيف بالناس بعدكم فتناجى رجلان فقال ما هذه المناجاة فقال أن اليهود تزعم أنها المؤودة الصغرى فقال على أنها لا تكون مؤودة حتى تمر بالتارات السبع في {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} الآية فعجب عمر من قوله وقال: جزاك الله خيرا وروى هذا عن ابن عباس أيضا.