لما تزوجها صارت أم المؤمنين وهو منهم فعادت بذلك محرما١ والرازقيتان يحتمل أن يكون تمتيعا منه لها فإن المطلقة قبل الدخول لها المتعة صمي لها صداق أم لا روى ذلك عن علي بن أبي طالب ويحتمل أن يكون تفضلا منه عليها لا تمتيعا.
ومنه ما روي "أن رسول الله صلى الله عيه وسلم ذكرت له امرأة من بني غفار فتزوجها فلما أدخلت عليه رأى ما بها وكان في كشحها بياض فكرهها ومتعها وقال: "الحقي بأهلك" فلحقت باهلها وروى "أنه أعطاها الصداق".
فيه أن الخلوة الصحيحة كالدخول في إيجاب تكميل الصداق لأنه ترك مسيسها باختياره فقام مقام المماسة منه لها وإليه ذهب جماعة من وجوه الصحابة والخلفاء منهم عمر وعلي وقد روى عن زرارة بن أوفى أنه قال قضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه من أغلق بابا وأرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة ويروي عن زيد بن ثابت ما يدل أنه كان هذا مذهبه
فإن قيل إنما قضى زيد لدعواها المسيس قلنا مجرد دعواها ليس بحجة لو لم تكن الخلوة موجبة ولا يعلم مخالف من الصحابة إلا ما روي عن ابن عباس من قوله إذا أنكح الرجل ففوض إليه فطلق قبل أن يمس فليس لها إلا نصف الصداق.
وهو محتمل للتأويل وهو مذهب أكثر فقهاء الأمصار منهم أبو حنيفة ومالك والأوزاعي والليث بن سعد والثوري ومتبعوهم فإن قيل هذا مخالف لقوله تعالى:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} قيل الذين ذهبوا إلى تكميل الصداق أعلم بتأويل القرآن وفي خلافهم تجهيل لهم ونعوذ بالله من ذلك مع أن في اللغة يجوز تسمية من يمكنه إيقاع المسيس باسم المسيس وإن لم يمس كما سمي ابن إبراهيم أما إسحاق وإما إسمعيل ذبيحا وإن لم يذبح.