إن زوجي يريد أن يحول بيني وبين ابني وكان قد طلقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اسهما عليه" فقال الرجل: من يحول بيني وبين ابني فخير رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلام بين أبيه وأمه فاختار أمه فذهبت به ففيه أنه لم يخير ذلك الغلام حتى دعا أبويه إلى الإسهام عليه قبل ذلك فالتخيير بلا دعاء ترك لهذا الحديث كالقول بعدم التخيير أصلا ومن قال بعدم التخيير أكثرالكوفيين واحتجوا بحديث ابنة حمزة حيث لم تخير بين عصبتها لتختار أيهم شاءت وروى أن رجلا أسلم ولم تسلم امرأته فاختصما في ولدهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لهما إن شئتما خيرتماه" فأجلس الأب ناحية والأم ناحية ثم خير الغلام فانطلق نحو أمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهده فرجع الغلام إلى أبيه" ففيه أن تخيير النبي صلى اله عليه وسلم إنما كان بعد اختيار أبويه أن يخير بنيهما فوجب بتصحيح ما ذكرنا أن لا يخرج عن شيء منه ولا يتركه وأن يكون المستعمل في مثل هذا دعاء الأبوين إلى الاستهام فإن أجابا أسهم بينهما وإن أبيا ثم سألا أن يخير الصبي بينهما فيختار أحدهما فيكون أحق به من الآخر وإن لم يكن منهما اختيار وجب أن يرجع إلى ما في حديث ابنة حمزة فيستعلم فيه ويقضي لمن يراه الحاكم فيه أولى وروي عن أبي كر أنه قضى في مثله بين عمر بن الخطاب وبين أم عاصم التي كان طلقها في ولدها فجعله لها بغير تخيير بينهما فيه إلا أنه يحتمل أن يكون أريد به التخيير في الحال مستأنفه وهو ما روي أن عمر خاصم امرأته التي طلق إلى أبي بكر في ولدها فقال أبو بكر: هي أحق به ما لم تتزوج أو يشب الصبي وقال: هي أحنى وأعطف وألطف وأرأف وأرحم وقوله أو يشب الصبي لا يريد به حالا يخير فيها ولكن يريد به حالا يخرج بها من لحضانة ويتسغنى عنها فيكون لأبيه دون أمه وروي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليصيبن قوما سفع من النار عقوبة بذنوب عملوها" الحديث وسيجئ بتمامه في باب جواز نسبة الرجل إلى الموضع أنه من أهله باستيطانه إياه.