أبدا وهي مختلف فيها فقال مثل قوله مالك وأبو يوسف وقال أبو حنيفة ومحمد أنه لا يتزوجها ما كان مقيما على قوله ومتى رجع عنه وأكذب نفسه فحد لذلك جاز له أن يتزوجها ولا حجة في قوله:"لا سبيل لك عليها" لأنه إنما قاله جوابا له في طلبه منها المهر الذي دفعه إليها.
قال الطحاوي: وكان سعيد بن جبير الذي عليه مدار الحديث يقول إذا لاعن الرجل امرأته وفرق بينهما ثم أكذب نفسه ردت إليه امرأته ما كانت في العدة ومذهب الشافعي أن تأويل الراوي هو المعتبر كما استدل في الفرقة بعد البيع على مراد النبي صلى الله عليه وسلم بتأويل ابن عمر بأنه كان يفعله وجعل قول ابن عمر فيما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد إن ذلك في الأموال حجة له في ذلك حتى لا يكون حجة عنده إلا في الأموال خاصة وفيه نظر لأن الشافعي قاله في الصحابة وقد احتج بعض من ذهب إلى أن المتلاعنين لا يجتمعان أبدا بقول الزهري عقيب وسعيد بن جبير تابعي روايته عن سهل حضور ملاعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الزوجين فمضت السنة أنهما إذا تلاعنا فرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا ولا حجة فيه إذ يجوز أنه أراد مادام الملاعن على قذفه ولم يكذب نفسه يدل عليه أنه قد روي عنه أن المتلاعنين لا يتراجعان أبدا إلا أن يذكب نفسه فيجلد الحد ويظهر براءتها فلا جناح عليهما أن يتراجعا وقاله قبله سعيد بن المسيب روى عنه أنه قال: أن الملاعن إذا أكذب نفسه ردت امرأته يريد بتزويج جديد وهو قول إبراهيم أن ضرب بعد ذلك يعني الملاعن فهو خاطب من الخطاب يتزوجها إن شاء وشاءت وما روي عن عمر وابن مسعود أن المتلاعنين لا يجتمعان أبدا محمول على ما إذا كان باقيا على دعواه ولم يرجع وهذا القول أولى لأن العلة الموجبة لللعان الموجب للفرقة ثبوت الزوج على مقاله بدليل أنه لو رجع عنه قبل اللعان فحد لم تكن فرقة فلذلك إذا رجع بعد اللعان زال حكم اللعان الموجب للفرقة بزوال العلة ووسعهما الاجتماع.