وسلم وكان الربا يومئذ حراما بدليل حديث فضالة الذي تقدم بخيبر مع بقاء العباس يمكة إلى الفتح يعمل بالربا دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة يوم عرفة في حجة الوداع "وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب" فعلم إن الربا بين المسلمين والمشركين في دار الحرب جائز على ما يقوله أبو حنيفة والثوري وإبراهيم النخعي قبلهما لأن قوله صلى الله عليه وسلم "ربا الجاهلية موضوع" دليل على أنه كان قائما إلى أن ذهبت الجاهلية بفتح مكة وقوله: "وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب" قد دل على أن ربا كان قائما إلى ذلك الوقت أعني وقت فتح مكة لأنه لا يضع إلا ما كان قائما لا ما قد كان سقط وقد كان أسلم قبل ذلك على ما دل عليه حديث الحجاج أنه كان مسلما حين فتح خيبر في سنة سبع من الهجرة وفتح مكة في السنة الثامنة منها وحجة الوداع في التاسعة منها وهذا استدلال صحيح لأن العباس أسلم قبل الفتح بمدة فلو كان الربا حراما عليه بمكة لأمر بالرد إلى أربابها قال تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} الآية ويؤيده ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل قسم قس في الجاهلية فهو على قسم الجاهلية وكل قسم أدركه الإسلام فهو على قسم الإسلام لأن فيه ما يوجب أن القسمة بمكة لميراث لو وقعت تمضي على حكم الجاهلية وإن كانت مخالفة لقسم الإسلام فكذلك حكم الربا الذي كان بين المشركين والمسلمين جائزا عندهم غير جائز عند المسلمين ومما يدل على أن حكم الربا لم يتعد إلى دار الحرب أنه لو تعدى إليها لوجب أن يكون موضوعا على كل حال كان أصله قبل تحريم الربا أو بعده كما يكون موضوعا في دار الإسلام كان أصله قبل تحريم الربا أو بعده لأنه وإن كان أصله قبل تحريم الربا بطل بتحريمه وإن كان بعده فهو أبطل فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه وضعه يوم الفتح دل على أنه لم يكن موضوعا قبل وإن التحريم لم يلحقه ولا تعدى إليه.
فإن قيل قد أخذ الفداء من عباس يوم بدر فكيف كان مسلما قلنا