للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم فقال: "ما كان يدا بيد فخذوه وما كان بنسيئة فردوه".

هذا الحديث يحتج به في مسئلة فقهية مختلف فيها وهي أن الصفقة إذا جمعت ما يجوز وما لا يجوز بيعه هل يجوز من ذلك ما يجوز ويبطل ما لا يجوز أو يبطلان جميعا ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكشف سائليه المذكورين فيه عن ذينك الشيئين اللذين سألاه عنهما فأجاز البيع في أحدهما ولم يجزه في الآخر هل كان شراؤهما في صفقة واحدة أوفى صفقتين مختلفتين فعقلنا بذلك أن الحكم في ذلك سواء وإن الشراء يجوز فيما كان من ذلك يدا بيد ويبطل فيما كان نسيئة ولا يعطى لكل واحد حكم الشيء الآخر المضموم معه في الصفقة إذ لو افترق الحكم في ذلك لسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف وقع البيع حتى يكون جوابه على ما يخبرانه به من ذلك وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه وعبد الرحمن بن القاسم فيما أجاب أسد بن الفرات عن قول مالك خلافا للشافعي فإنه أبطلهما ببطلان أحدهما١ ولما نظرنا فيه رأينا البيع قد يقع على شقص من دار تجب فيه الشفعة للشريك فيها وعلى ما وساه من عرض وعبد ثم الشفعة تجب في الشقص بحصته من الثمن ولا تجب فيما سواه من العرض المضموم إليه ويعود ما سواه بيعا بالحصة مع أنه لا يجوز استئناف البيع عليه بذلك فعقلنا أن كل واحد من العرض والشقص اللذين جمعتهما الصفقة مضمن حكم نفسه لا حكم صاحبه وكذلك رأيناهم في العرضين إذا بيعا صفقة واحدة بثمن واحد فهلكا في يد البائع قبل القبض أن البيع ينتقض في ذلك كصبرتين أحدهما حنطة والأخرى شعير وقع البيع عليهما بكيل مشروط في كل واحدة منهما ولو ضاعت إحداهما في يد بائعها قبل القبض تضيع بحصتها من الثمن وتبقى الأخرى مبيعة بحصتها من الثمن وهذا مما لا يجوز استئناف البيع وحده كذلك عقلنا بذلك أن الصفقة إذا جمعت شيئين مختلفين أن لكل واحد منهما فيها حكمه لو كان مبيعا وحده دون صاحبه فدل هذا على صحة ما ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه.


١ للشافعي قول آخر بالصحة في التصحيح والبطلان في الباطل وهو الراجح في مذهنبه – ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>