للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين فأنظره كان ثوابه فوق ثواب الأول يكون له كل يوم مثله صدقة ثم الحديث يصلح حجة لأبي حنيفة وأصحابه والشافعي فيمن أسلف رجلا إلى أجل فله أن يأخذه منه قبل محل الأجل إن شاء فمعنى الحديث أن من أسلف فاحتاج إليه قبل الأجل فلم يأخذه منه وانظره به إلى الأجل فله بكل يوم صدقة وإذا انظره بعد الأجل فله بكل يوم مثله صدقة لأنه أعظم أجرا من الأول لأنه أنظار بما لا يكره له أخذه منه والأول أنظار بما يكره له أخذه منه لأجل خلف الوعد وروى أن الأسود كان يستقرض تاجرا فإذا خرج عطاؤه قضاه وأنه خرج عطاؤه فقال الأسود: إن شئت أخرت عنا فإنه قد كانت علينا حقوق في هذا العطاء فقال له التاجر: لست فاعلا فنقده الأسود خمسمائة حتى إذا قبضها قال له التاجر: دونك فخذها قال له الأسود: قد سألتك فأبيت قال له التاجر: إني سمعتك تحدث عن ابن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول "من أقرض قرضين كان له مثل أجر أحدهما لو تصدق به" ليس هذا بمخالف لحديث ابن بريدة لأن حديثه على ثواب الأنظار به بعد ما يجب للمقرض على المستقرض دينا له عليه وحديث ابن مسعود في الثواب على نفس القرض لكن لو كان التاجر علم حديث ابن بريدة لما كلفه الأداء ولطرح عنه مؤنته بالانظار لأن أجره بذلك لو فعله كان أكثر وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم "من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" يحتمل أن يكون الظل من الأشياء التي يتأذى بها بنو آدم كالشمس في الدنيا ويحتمل أن يكون بمعنى الكنف والستر ومن كان في كنف الله تعالى وقى من الأشياء المكروهة يقال فلان في ظل فلان أي في كنفه فلا يصيبه نصب ولا تعب والمعسر المراد هنا هو الذي يجد ما يعطى ولكن يتضرر به فاستحق المنظر ثواب الإيثار على نفسه وأما المعسر العديم الذي لا شيء عنده فلا ثواب له في أنظاره إذ هو مغلوب على ذلك لا يقدر على سواه فالمعسر المقل هو المراد بالحديث لا المعدم والإعسار أعم من الإعدام

<<  <  ج: ص:  >  >>