دليل على أن في الأخريين من العصر والظهر زيادة على فاتحة الكتاب التي هي سبع آيات لا غير لأن نصف الخمسة عشر سبع آيات ونصف يقرأ في كل من اخريي الظهر ونصف هذا النصف في كل من اخريي العصر مع الاختلاف الظاهر بين أهل العلم في الركعتين الأخريين من هاتين الصلاتين فبعضهم يقول إن شاء المصلي زاد فيهما على الفاتحة مما معناه دعاء وإن شاء سبح فيهما ولم يقرأ فيهما بشيء من القرآن منهم أبو حنيفة والثوري وأصحابهما ومنهم من يقول لا بد من قراءة الفاتحة فيهما من غير زيادة عليها وهم فقهاء الحجاز وروى عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ في الأوليين من الظهر والعصر بالفاتحة وسورة ولا يقرأ في الأخريين بشيء وعن جابر أنه كان يقرأ في الأخريين بالفاتحة.
وعن عائشة مثله وتقول إنما هو دعاء يعني كانت تقرأها على أنها دعاء لا قراءة قرآن كما في سواهما. وعن أبي عبد الله الصنابحي صليت المغرب خلف أبي بكر في خلافته فلما قام إلى الركعة الثاثلة دنوت منه حتى أن ثيابي لتكاد تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} الآية. وروى عن مكحول والله ما كانت قراءة لكنها كانت دعاء فدل على أن صحة ما قيل أن القراءة في الأخريين إنما هي دعاء وتسبيح لا كالقراءة في الأوليين ومثل هذا القول لا يقال استنباطا بالرأي بل توفيقا محضا فلا يصح خلافه وروى عن إبراهيم النخعي أنه قال التسبيح أحب إلي في الركعتين الأخريين وكذلك كان الثوري يقول وأما أبو حنيفة وأصحابه فيذهبون إلى أن القراءة فيهما أحب إليهم من التسبيح فيهما.