والعلم وجلالة القدر ونعمان كان يومئذ صغيرا ليس معه ضبط مع أنه روى عن النعمان قال: نحلني أبي غلاما ثم مشى بي حتى أدخلني على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني نحلت ابني غلاما فإن أذنت لي أن أجيزه أجزته فدل أنه لم يكن نحلا بل منتظرا فيه ما يقوله صلى الله عليه وسلم وجاز اطلاق نحل لما لم يكن حقيقة ولكن لقرب كونها على عادة العرب وعليه قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} ومنه تسميتهم المأمور بالذبح ذبيحا كابن إبراهيم عليه السلام لقربه من ذلك وخرج حديث النعمان هذا من طرق في بعضها: "أكل ولدك نحلته مثل هذا" قال: لا قال: "أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء" قال: بلى قال: "فاشهد على هذا غيري" وهذا وعيد ظاهره أمر وباطنه زجر كقوله تعالى: {اعْمَلُوا} وفي بعضها قال: "لا أشهد إلا على حق" يعني: أن الداعي إلى التقصير في حق الأب ضد للحق الذي ينبغي أن يجري عليه الأمور وفي بعضها: "فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور" وهذا يدل على أن قوله: "أشهد على هذا غيري" ليس على الإباحة بل هو تقريع وأهل العلم مختلفون في العدل بين الأولاد فقال بعضهم: على التسوية بين الذكر والأنثى منهم أبو يوسف وبعضهم يجريه مجرى الإرث منهم محمد بن الحسن والأول أولى لأن البر المطلوب من الأولاد إلى الأب على التسوية بين الذكر والأنثى فكذا البر من الأب يكون بمقابلته على السوية قال الطحاوي: ولم يتفق في شيء من هذه الآثار أن للوالد إذا وهب هبة لولده تمت منه له أن يرجع فيها ولا أن يبطلها وإن كان قد خالف فيها ما أمر به من المساواة بين أولاده وبالله التوفيق.