وروى أن عمر بن الخطاب كاتب غلاما له فلم يجد ما يعطيه فأرسل إلى حفصة فطلب منها دراهم فأرسلت إليه بمائتي درهم فقال: خذها بارك الله لك فيها قال: فبارك الله لي فيها قد اعتقت غير واحد منها فاستأذنته أن أخرج إلى العراق فقال: أما إذا كاتبتك فاذهب حيث شئت فأراد موال لبني عفان أن يصحبوني فقالوا: كلم أمير المؤمنين أن يكتب لنا كتابا نكرم به قال: وقد علمت أن سيكره ذلك فكلمته فانتهرني وما انتهرني قبلها فقال: أتريد أن تظلم الناس أنت أسوة المؤمنين فخرجت فلما قدمنا جئت معي بنمط وطنفسة فقلت: يا أمير المؤمنين هذا مني هدية فنظر إليهما فأعجبتاه ثم ردهما علي وقال: أنه قد بقيت من كتابتك بقية فاستعن بهما في كتابتك.
فدل أن عمر لم يضع من كتابته شيئا وروى أن عثمان بن عفان كاتب غلاما له على مائة ألف وقال: والله لا أعطيك منها درهما فشفع له الزبير فقال: والله لا عطيه منها درهما فغضب الزبير وقال: طلبت إليك حاجة حلت دونها بيمين فأعطاه الزبير مائة ألف وقال: أطلب فيها من فضل الله فإن غلبك أمر فأد إلى عثمان ما له منها فطلب فيها من فضل الله فأدى إلى عثمان ما له وإلى الزبير ما له وفضلت في يديه ثمانون ألفا ففيه دليل على أن الآية لم تكن على وجوب الوضع من الكتاب عندهما وهو الحق ولا يقال كيف قيل لعائشة: ابتاعي وأعتقي وبيع المكاتب لا يجوز لأن المنع من بيع المكاتب لحقه فإذا أذن المكاتب جاز بيعه وصار تعجيز أو فسخا للكتابة كبيع العبد المرهون أو المستأجر بإذن من له الرهن والإجارة وقد أجاز أبو يوسف بيع المكاتب بإذنه قبل عجزه خلافا لمحمد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز بيع بريرة لما ذكرنا.