ولكن لا شك أن الزوجين كأنا غير بريرة وزوجها ومحال أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فيه الحياطة لأحد الزوجين وإبطال حق الآخر وهو خيار العتق الثابت لها في شرعه فالمعنى في ذلك هو أن عائشة لما استشارته أمرها بعتق أعظمهما ثوابا وهو إعتاق الذكر وإرجاء أمر الجارية لترى فيها بين حبسها وبين الصلة بها لأرحامها كما في حديث مرة بن كعب وكما روى عن ميمونة أنها أعتقت وليدة علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك" وعن ابن عباس أنه كان عبدا ولم يختلف عنه في ذلك كما اختلف عن عائشة والتوفيق أن الحرية تكون بعد العبودية غير عكس فجعل عبدا ثم جعل حرا بعد ذلك في الحال التي خيرت الزوجة بين المقام عنده وبين الفراق دفعا للتعارض وما روي عن جرير عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان زوج بريرة عبدا ولو كان حرا لما خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرد ما ذكرناه إذا لا نعلم من المتكلم من رواة هذا الحديث هل هو عائشة أو من دونها ولم لم نعلم فنجعله قول صحابي لا مخالف له قال القاضي: ويعارضه ما روي عنها أنه كان حرا.
واحتمل أن يكون قول تابعي رواه عنها أو من دونه فيقابل قوله بقول طاوس أن لها الخيار وإن كان زوجها رجلا من قريش ثم نظرنا فوجدنا مولى الأمة له أن يزوجها حرا كان أو عبدا كالأب يزوج الصغيرة من شاء ثم لا يكون لها بعد البلوغ خيار سواء كان الزوج حرا أو عبدا ينبغي أن يستوي الحالان في الأمة ولا خلاف في أن لها الخيار إذا كان عبدا فكذا إذا كان حرا ومن فرق بينهما قال: إنما جعل لها الخيار إذا كان عبدا لأنه لا يستطيع تزويج بناتها ولا تحصينها والحق أن العلة هو ملكها نفسها بخلاف الصغيرة لأن بالبلوغ لا تملك نفسها وقيل: العلة إنما هي نقصان قرينة الزوج عن مرتبتها بالحرية الحاصلة لها والله أعلم.