عليه وسلم فقال:"إنما الولاء لمن أعتق" وعن منصور أنها اشترت بريرة لتعتقها فاشترط أهلها الولاء فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني اشتريت بريرة لأعتقها واشترط أهلها ولاءها فقال: "الولاء لمن أعتق" فكان قوله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كله ثم أعلم أن بعض الناس استدل بقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: "اشتريها واعتقيها" على أن ابتياع عائشة كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم على أن تعتقها يجوز ابتياع المماليك بشرط الإعتاق بخلاف باقي الشرائط ولا دليل له في ذلك لأن ذلك كان مشورة بذلك علها أن تفعله ابتداء وليس فيه اشتراط أهلها ذلك عليها في بيعهم إياها منها وفي بعض الآثار أن عائشة هي التي سألت أن تشتريها على أن يكون الولاء لها وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة بعد إباء موالي بريرة ذلك: "ابتاعي فاعتقي فإنما الولاء لمن أعتق" فكان فيه الأمر بابتياعها وعتقها ابتداء وليس فيه اشتراط من أهلها أن تعتقها عائشة أنما فيه اشتراطهم ولائها عليه في إعتاق عائشة بعد ابتياعها إياها ومقول أنها إذا كانت تعتقها عن نفسها لم يكن باشتراط من بائع بريرة عليها وفي الحديث دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم موالي بريرة عن ذلك حيث أنكر عليهم وأعلمهم بوعيده إياهم أنه خارج من شريعته بقوله: "كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل وإن كان مائة شرط" ولو كان ما صدر منهم من الشرط جائزا لما أنكره عليهم ولا تواعدهم عليه ولا ذمهم وفيما ذكرنا دليل على أن الذي كان منهم اشتراط ولائها في عتاق عائشة لا اشتراط أن تعتقها عن نفسها عتاقا واجبا عليها شرطهم في بيعهم إياها منها وقال ابن عمر: لا يحل فرج إلا فرج إن شاء صاحبه وهبه وإن شاء أمسكه لا شرط عليه فيه
والمبيعة على أن يعتقها مشتريها ليس كذلك لأنه لزمه اعتاقها ولم يكن له إمساكها وفي ذلك نفى ما ظنه المتأولون من تجويز البيع بالشرط وقول عمر لابن مسعود في الجارية التي ابتاعها من أمرأته واشترطت عليه خدمتها لا تقريها ولا حد فيها مثنوية يؤكد ما قلنا أيضا.