"لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الركوع والسجود" يريد به نفي الكمال لا نفي الجواز مع أن فيه تضييع حظ نفسه بتقصيره عن إتيانه بها على أعلى مراتبها وحرمان نفسه عن ثوابها كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له" وهو من باب التغليظ ومثله "لا وضوء لمن لم يسم" وما روى "لا تجزي صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه إذا رفع رأسه من الركوع والسجود" يحتمل أنه لا تجزيه الاجزاء الذي هو أعلى مراتب الاجزاء وهو أولى ما حمل عليه توفيقا بين معاني الروايات وهو مذهب الإمام أبي حنيفة ومحمد فإنهما قالا أساء وتجزيه صلاته وقال أبو يوسف لا تجزيه وعليه إعادتها والقياس قولهما لأن السجود الذي هو أعلى أركانها فيه ذكر ولا قراءة فيه ومن رفع رأسه من السجود يرجع إلى جلوس ليس من صلب صلاته حتى أن من سها عنه لا تبطل صلاته اتفاقا بخلاف الجلوس بعد السجدتين فإنه مختلف في وجوبه فلما كان الجلوس الأول بين السجدتين من السنن لا من صلبها كان مثل ذلك القيام الذي يخرج من الركوع إليه من السنن لا من صلبها إذ الركوع أيضا ركن فيه ذكر وليس فيه قراءة.