بخلاف المال والنفس فإن في خطائهما شيء فكذا في عمدهما وكذا لا يحتج بما روى مرفوعا يقول الله تعالى يوم القيامة:"لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأهل النار عنده مظلمة ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار ولأهل الجنة عنده مظلمة حتى أقصه منها حتى اللطمة"، ففيه ما يدل على وجوب القصاص فيها في الدنيا ولهذا يؤاخذه بها.
لأن رفع القصاص في الدنيا لعدم وقوف العباد على استيفاء مثلها لكون حدها غير معلوم والله تعالى عالم بحدها قادر على استيفاء مثلها منه في الآخرة ولا حجة بماروى أن أبا بكر الصديق لطم رجلا فقالوا: ما رضى أن يمنعه حتى لطمه فقال أبو بكر للرجل: اقتص مني فعفا عنه لأنه يحتمل أنه فعل ذلك تواضعا منه وكراهية لما كان منه من الاستعلاء على غيره بلطمه إياه كما كان من خالد بن الوليد مع ابن أخيه اللاطم لرجل فقد حكم بالقود منه فعفا عنه فإنه كان تأديبا لابن أخيه وزجرا عن معاودته وكذلك ما روى أنه صلى الله عليه وسلم أقاد من نفسه فإنه كان من تواضعه لا بواجب عليه.