الحدود مستثناة عن ذلك والمراد بذوي الهيئات أهل المروة والصلاح يبينه ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تجافوا عن عقوبة ذوي المروة والصلاح"، والمأمورون بالتجافي عن زلات ذوي الهيئات هم الأئمة الذين إليهم إقامة العقوبات على ذوي الجنايات روي عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه قضى بذلك في رجل من آل عمر بن الخطاب شج رجلا وضربه فأرسله وقال: أنت من ذوي الهيئات وعن عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم".
ويحتمل أن يكون المأمور هو المجني عليه أو أولياؤه لأن الجنابة لما لم تكن خلقا لهم ولا عادة وإنما كانت منهم هفوة فكان الأحسن بهم الصفح وترك حقوقهم فيها كما في سائر الحقوق الواجبة لهم لا الأئمة فإن الحقوق ليست لهم وكما أن الحقوق المالية لأربابها العفو وفي الدماء المحرمة لأوليائها كذلك في الإعراض العفو لأصحابها لا للأئمة الذين يقيمونها لهم قال صلى الله عليه وسلم:"أن دماءكم وأموالكم وإعراضكم حرام عليكم"، والزلات التي أمرنا بالتجافي عنها هي ما لم يخرج فاعلها من دائرة ذوي المروات فأما من أتى حراما قذفا أو ما سواه مما يوجب الحد فلا يجب التجافي عنه لأنه خرج بذلك عن ذوي الهيئات والصلاح وصار من أهل الفسق فيحد ردعا له ولغيره.