مرة ثالثة بقول أبي حنيفة وإنما وسع لهم خلاف هذا الحديث لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر أربعين ولم يكن ذلك حدا منه في الخمر أربعين وإنما قصده إلى جلد لا توقيت فيه بدليل ما روي عن علي أنه قال: من شرب الخمر فجلدناه فمات وديناه لأنه شيء صنعناه وأنه قال: ما حددت حدا فمات فيه فوجدت في نفسي إلا الخمر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبين فيها وقد جلد أبو بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر أربعين وجلد عمر فيه باستشارة الصحابة ثمانين ولو كانت الأربعون فيها حدا لما تجاوزه عمر وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسكران فأمر من كان عنده فضربوه بما كان في أيديهم ثم حثا عليه التراب ثم أتى أبو بكر بسكران فتوخى إلى معهوده فضربه أربعين ثم أتى عمر بسكران فضربه أربعين.
وكان ضرب أبي بكر وعمر على التحري لضرب النبي صلى الله عليه وسلم لا لأن ذلك الضرب كان مقصودا به إلى عدد معلوم وإذا كان الذي كان من النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن حدا كان فيه تجاوز العشرة الأسواط في التعزيز فعارض ذلك ما روي فيها فلما تعارضا ولم يعلم الناسخ من المنسوخ وسع النظر للمخالفين في ذلك ووجب طلب الأولى فكان ما ثبت في عقوبة شارب الخمر أولى مما روي عنه في العشر جلدات لعمل الصحابة من بعده وروي أن علي بن أبي طالب أتى بالنجاشي قد شرب الخمر في رمضان فضربه ثمانين ثم أمر به إلى السجن ثم أخرجه من الغد فضربه عشرين ثم قال: إنما جلدتك هذه العشرين لإفطارك في رمضان وجرأتك على الله عز وجل.
وروي عن عمر بن الخطاب قال: كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة فاطلع الله عز وجل نبيه فبعث عليا والزبير في إثر الكتاب فأدركا امرأة فاستخرجاه من قرن من قرونها فأتيا به النبي صلى الله عليه وسلم فقرىء عليه فأرسل إلى حاطب فقال: "يا حاطب أنت كتبت هذا الكتاب" قال: نعم