ولا يعارض بقوله تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} لأن المراد به الشرك حتى يموت عليه كما قال: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} الآية روي عن ابن عباس في قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قال: كانت الأنصارية لا يعيش لها ولد فتحلف إن عاش لها ولد لتهودنه فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم ناس من أبناء الأنصار فقالوا: يا رسول الله أبناءنا وأخواننا فيهم فنزل: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} يعني: من شاء لحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام لا خلاف فيمن أسلم وله ولد صغير أنه يصير مسلما بإسلام أبيه وإن اختلف في إسلام الأم فيجعله أبو حنيفة وأصحابه والشافعي كإسلام الأب خلافا لمالك وهذه مسألة مختلف فيها فقال طائفة: من انتحل دين اليهودية من العرب صار منهم وله حكمهم في حل الذبيحة والنكاح عن ابن عباس: كلوا من ذبائح بني تغلب وتزوجوا من نسائهم قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ولا فرق بين دخولهم في الجاهلية أو في الإسلام وخالفهم طائفة فقالوا: لا تحل ذبائحهم ونساؤهم وهو قول ابن مسعود وعلي بن أبي طالب روي عن عبد الله كان ينهى عن ذبائح اليهود ونصارى العرب وإن ذكروا اسم الله عز وجل وعن عكرمة سألت عليا عن ذبائح نصارى العرب قال: لا تحل ذبائحهم فإنهم لم يتعلقوا من دينهم إلا بشرب الخمر.
وفيه أنهم لو تعلقوا بشرائع دينهم كلها لكانوا مثلهم وقال آخرون منهم الشافعي: إن كان ذلك منهم قبل نزول الفرقان خلى بينهم وبين ذلك وإن كان بعده منعوا وليس هذا بشيء لأنه لو كان يفترق لكشف صلى الله عليه وسلم من خلى بينه وبين اليهودية من أبناء الأنصار هل كان ذلك بعد نزول القرآن أو قبله لأن الفرقان كان أنزل عليه بمكة والمدينة بعد أن قدمها مهاجرا تسع سنين إلى أن أجلى بني النضير حتى يعلم حقيقة الأمر في ذلك وكيف يؤخذ كافر دخل في الكفر برجوع إلى كفر آخر إنما يؤخذ الناس بالرجوع الإسلام لا غيره.