سفر تخلفوا عنه فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتذروا إليهم وقالوا: ما حبسنا عنكم إلا السقم والشغل ولوددنا أنا كنا معكم فأنزل الله تعالى هذه الآية فيهم فكأن مروان أنكر ذلك وقال: ما هذا فجزع رافع من ذلك وقال لزيد: أنشدك بالله هل تعلم ما أقول؟ فقال زيد: نعم فلما خرجا من عند مروان قال له زيد: وهو يمزح معه أما تحمدني بما شهدت لك فقال رافع: وأين هذا من هذا؟ أنشدك أن تشهد بالحق، قال زيد: نعم قد حمد الله على الحق أهله.
مع ما روي أن مروان قال لرافع: اذهب إلى ابن عباس فقل لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد على ما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعين فقال ابن عباس: مالكم ولهذه الآية إنما نزلت في أهل الكتاب ثم تلا: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} الآية ثم تلا: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} الآية قال ابن عباس: سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فخرجوا وقد أروه أنهم قد أخبروه بما سألهم فاستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم إياه ما سألهم عنه ليس في هذا تضاد لاحتمال الأمرين جميعا على ما ذكره رافع وعلى ما ذكره ابن عباس فأنزل الله عز وجل الآية مما كان في المنافقين ومما كان من أهل الكتاب ولم يعلم واحد الفريقين ما علم الآخر فحدث كل فريق بما علم مما كانت الآية نزلت فيه من السببن اللذين كان نزولها فيهما لا في أحدهما فلا تضاد فيما بين الروايات.