عن أنس أن رجلا كان يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأ البقرة وآل عمران وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يملي عليه غفورا رحيما فكتب عليما حكيما فيقول للنبي صلى الله عليه وسلم: أكتب كذا وكذا؟ فيقول:"نعم اكتب كيف شئت" ويملي عليه عليما حكيما فيقول: سميعا بصيرا فيقول له النبي: "اكتب كيف شئت" فهو كذلك فارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين وقال: أنا أعلمكم بمحمد إن كان ليكل الأمر إلي حتى اكتب ما شئت فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أن الأرض لن تقبله" فأخبرني أبو طلحة: أنه رأى الأرض التي مات بها فوجده منبوذا قال أبو طلحة: ما شأن هذا؟ قالوا: إنا دفناه مرارا فلم تقبله الأرض.
ليس في الحديث خلاف لما قلنا من أن السبعة الأحرف إنما أطلقت للناس للضرورة إلى ذلك والعجز منهم عن حفظ الحروف بعينها وأنه لا يسع لنا أن نقرأ شيئا من القرآن بخلاف الألفاظ التي فيها وإن كان معناها معنى ما فيها لأنه يحتمل أن يكون ذلك الكتاب الذي أمره بالكتابة إنما هو كتابه إلى الناس في دعائهم إلى التوحيد وتعليم الشرائع ولم يكن الرجل من قريش ولا من الأنصار وإنما كان نصرانيا أسلم وكان يقول ما يقرأ محمد إلا ما كتبت له وليس في قوله ما يقرأ دليل على أنه قرآن وليس كل مقروء {قرآنا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ، فَأُولَئِكَ يَقْرَأُونَ كِتَابَهُمْ- فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} الآية وكذا لا يلزم أنه كان يقرأ بنفسه ولكن كان يأمر به فيقرأ عليه ليعلم الناس فيعلموا ما فيه قبل أن ينفذه إلى من يريد إنفاذه إليه.
عن عطية العوفي قال: قرأت على عبد الله بن عمر {خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً} فرد على {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً} ثم قال قرأت على رسول الله صلى الله عيه وسلم كما قرأت علي فرد علي كما رددت عليك