وروي لما أنزل {غُلِبَتِ الرُّومُ} لقي أبو بكر رجالا من المشركين فقال: إن أهل الكتاب سيغلبون على فارس قالوا: في كم؟ قال: في بضع سنين قال ثم خاطر بينهم خطرا فجاء أبو بكر فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإن ما دون العشرة من البضع" وكان ظهور فارس على الروم لسبع سنين ثم أظهر الله الروم على فارس زمن الحديبية ففرح المسلمون بظهور أهل الكتاب وظهور المسلمين بعد الحديبية.
في قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:"ما دون العشرة من البضع" يفهم منه أن نهاية البضع دون العشرة يعني: ما بينه وبين ثلاث لأن أقل البضع ثلاث فإنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر لما أخبره بذلك: "ألا احتطت فإن البضع ما بين الثلاث إلى التسع" ويدل عليه أن أبا بكر لما أخبرهم بما أنزل الله قالوا له: نبايعك على أن الروم لا تغلب فأرسا وكانت فارس قد غلبت الروم فقال لهم أبو بكر: البضع ما بين الثلاث إلى التسع فقالوا: الوسط من ذلك ست لا أقل ولا أكثر فوضعوا الرهان وذلك قبل تحريم القمار فانقلب أبو بكر إلى أصحابه فأخبرهم الخبر فقالوا: بئس ما صنعت ألا أقررت بها على ما قال الله لو شاء الله أن يقول ستا لقال فلما كانت سنة ست لم يظهر الروم على فارس فأخذوا الرهان فلما كانت سنة سبع ظهر الروم على فارس فذلك قوله: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ} فليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن ما دون العشرة من البضع" بخلاف لقوله في الحديث الثاني: "فإن البضع ما بين الثلاث إلى التسع" ولا لقول أبي بكر الذي ذكرنا وقد روي عن أبي عبيدة أن البضع: ما بين الواحد إلى الأربعة والصحيح أن أقل البضع ثلاثة لا أقل منها إلى تسعة لا أكثر منها وقال الخليل: البضع من العدد ما بين الثلاث إلى العشر.
قال الطحاوي: اتفق أهل اللغة على أن البضع يذكر ويؤنث