ذلك على المسلمين فنزلت:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة شطر أهل الجنة" وقال مرة: نصف أهل الجنة وتقاسمونهم النصف الباقي.
لما تأملنا وجدنا الآية الأولى في السابقين المقربين بما تقدمها وهم أعلى رتبة من أصحاب اليمين وهم أول لأنهم بعض أصحاب اليمين فأخبر في كتابه أن المقربين ثلة من الأولين يعني ممن تقدمهم من أمم الأنبياء وقليل من الآخرين يعني من أمة نبينا وإن أصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين يؤكده قوله في آخر السورة {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} فهما غير أن وهما من أهل الجنة إلا أن المقربين أعلى من في الجنة وارفع رتبة فيها وإنما فرح الصحابة لما علموا بالآية الثانية أن من الجنة سوى المقربين وهم أصحاب اليمين دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة" ثم قال: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} ثم تفضل الله بأن جعلهم ثلثي أهل الجنة على ما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أهل الجنة مائة وعشرون صفا هذه الأمة منها ثمانون صفا" -
قال أبو الوليد: ويحتمل أن يكونوا ثلاثة أرباع أهل الجنة على ما في هذا الحديث من قوله وقال مرة: نصف أهل الجنة وتقاسمونهم النصف الآخر فثلاثة أرباع أهل الجنة أمة نبينا وربعهم أمم سائر الأنبياء وهم في الكافرين كالشعرة السوداء في الثور الأبيض على ما ورد مرفوعا عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} قال: "ما شأنكم تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا". وكان قولهم كفرا فأنزل الله وتجعلون شكركم على ما أنزلت عليكم من الرزق والغيث إنكم تكذبون تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا.