أولياء فألقى في قلوب عباده محبتهم فيحبونهم باختيارهم فيثيبهم كمثل إلقائه في قلوبهم الإيمان {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ} الآية وكذلك من أبغضه بترك الأتباع وفعل الابتداع صار عدو الله فيوقع في قلوب من يشاء من عباده بغضه فيبغضونه باكتسابهم فيؤجرون على بغضهم إياه.
وعن أبي إدريس الخولاني دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا والناس معه يصدرون عن رأيه ويستندون إليه فقيل: هذا معاذ بن جبل فلما كان الغد سبقني بالتهجير فوجدته يصلي فلما قضى صلاته جئته من قبل وجهه فسلمت عليه قلت: والله إني لأحبك لله عز وجل فقال: الله؟ فقلت: والله فأخذ بحقوة ردائي فجبذني إليه وقال: أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله عز وجل وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في" , وروى أنه قال: جوابه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المتحابون يظلهم الله عز وجل في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله" قال: فبينما نحن كذلك إذ مر رجل ممن كان في الحلقة فقمت إليه فقلت: أن هذا حدثني بحديث فهل سمعته منه؟ قال: ما كان يحدثك إلا حقا فأخبرته فقال: سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هو أفضل منه سمعته يقول يأثر عن الله: "حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتواصلين في وحقت محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتباذلين في" قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عبادة بن الصامت قلت: فمن الفتى؟ قال: معاذ بن جبل.
في قوله: حقت زيادة ليست في قوله: وجبت يقول: فلان عالم فوجب له العلم وقد يكون في العلماء من هو أعلى منه مرتبة فإذا قلت: عالم حقا فقد رفعته إلى أعلى مراتب العلم ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لأهل نجران لما سألوه أمينا "لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين" فبعث إليهم أبا عبيدة بن الجراح.
وفيه نظر لأن وجبت وحقت وردتا في صنف واحد وهم المتحابون