للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم من يحفظ ناموسه، فيفتي بغير علم، لِئَلَّا يقال: الشيخ لا يدري!!

٣٧٨- ولقد حدثني الشيخ أبو حكيم١ رحمة الله عليه: أن الشريف الدحالي -كان يقصد، فيزار، ويتبرك به- حضر عنده يومًا، فسئل أبو حكيم: هل تحل المطلقة ثلاثًا إذا ولدت ذكرًا؟ قال: فقلت: لا والله. فقال لي الشريف: اسكت! فوالله، لقد أفتيت الناس بأنها تحل من ها هنا إلى البصرة.

٣٧٩- وحكى لي الشيخ أبو حكيم أن جد آزاد٢ الحداد -وكان يتوسم بالعلم- جاءت إليه امرأة، فزوجها من رجل، ولم يسأل عن انقضاء العدة، فاعترضها الحاكم، وفرق بينها وبين الزوج، وأنكر على المزوج، فلقيته المرأة، فقالت: يا سيدي! أنا امرأة لا أعلم، فكيف زوجتني؟! فقال: دعي حديثهم! ما أنت إلا طاهرة مطهرة!!

٣٨٠- وحدثني بعض الفقهاء عن رجل من العباد أنه كان يسجد للسهو سنين، ويقول: والله، ما سهوت، ولكن أفعله احترازًا! فقال له الفقيه: قد بطلت صلاتك كلها؛ لأنك زدت سجودًا غير مشروع!!

٣٨١ ثم من الدخل الذي دخل ديننا طريق المتصوفة، فإنهم سلكوا طرقًا أكثرها تنافى الشريعة، وأهل التدين منهم يقللون ويخففون، وهذا ليس بشرع. حتى إن رجلًا كان قريبًا من زماني، يقال له: كَثِيْرٌ، دخل إلى جامع المنصور، وقال: عاهدت الله عهدًا ونقضته؛ فقد ألزمت نفسي أن لا تأكل أربعين يومًا! فحدثني من رآه أنه بقي عشرة أيام، ثم في العشر الرابع أشرف على الموت. قال: فما انقضت حتى تفرغ٣، فصب في حلقه ماء، فسمعنا له نشيشًا كنشيش المقلاة، ثم مات بعد أيام. فانظروا إلى هذا المسكين وما فعله به جهله!!


١ إبراهيم بن دينار النهراوني الحنبلي، العلامة القدوة، أحد أئمة بغداد، توفي سنة "٥٥٦هـ".
٢ آزاد: فارسي معرب معناه الخالص. وفي حاشية الأصيل: في الهندية: ذا الجذاء وما أثبتناه فعن الأحمدية.
٣ تفرغ: أصابه الجفاف. وفي حاشية الأصل: في الأحمدية هكذا "العوع" وفي الهندية "تتقوع" قلت: الأولى "نقوع" والثانية "بنقوع" انظر: خبرًا قريبًا منها في الفصل "١٦٢".

<<  <   >  >>