للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عواره١؛ فإن فكر المتيقظ يسبق قبل مباشرة المرأة إلى أنها اعتناق جسد يحتوي على قذارة، وقبل بلع اللقمة إلى أنها متقلبة في الريق، لو أخرجها اللسان [لفظها] ٢، ولو [فكر] ٣ في قرب الموت، وما يجري عليه بعده، لبغض عاجل لذته.

فلا بد من مغالطة تجري لينتفع الإنسان بعيشه. كما قال لبيد٤:

واكذب النفس إذا حدثتها ... إن صدق النفس يزري بالأمل

وقال البستي٥:

أفد طبعك المكدود بالهم راحة ... تجم، وعلله بشيء من المزح

ولكن إذا أعطيته ذاك فليكن ... بمقدار ما يعطى الطعام من الملح

وقال أبو علي بن الشبل٦:

وإذا هممت فناج نفسك بالمنى ... وعدًا فخيرات الجنان عدات

واجعل رجاءك دون يأسك جنة ... حتى تزول بهمك الأوقات

واستر عن الجلساء بثك إنما ... جلساؤك الحساد والشمات

ودع التوقع للحوادث إنه ... للحي من قبل الممات ممات

فالهم ليس له ثبات مثلما ... في أهله ما للسرور ثبات

لولا مغالطة النفوس عقولها ... لم تصف للمتيقظين حياة

وقال أيضًا:


١ عواره: فساده.
٢ في هامش الأصل: بياض في ثلاث نسخ، والزيادة من "أ".
٣ الزيادة من "ط".
٤ لبيد بن ربيعة العامري أبو عقيل، أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية، أدرك الإسلام، ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم وترك الشعر بعد إسلامه توفي سنة "٤١ هـ".
٥ أبو الفتح علي بن محمد البستي، شاعر زمانه. توفي سنة "٤٠٠هـ".
٦ محمد بن الحسين بن عبد الله الشبل البغدادي، أبو علي، شاعر حكيم، ولد وتوفي ببغداد، سنة "٤٧٣هـ".

<<  <   >  >>