للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٠٠- هذه الإشارة إلى تدبير أمور الدنيا. فأما تدبير العلم، فينبغي أن يحمل الصبي من حين يبلغ خمس سنين على التشاغل بالقرآن والفقه وسماع الحديث، ولتحصل له المحفوظات أكثر من المسموعات؛ لأن زمان الحفظ إلى خمس عشرة سنة، فإذا بلغ، تشتت همته، فليضرب تارة، ويرشى أخرى، ليبلغ وقد حصل محفوظات سنيَّةً.

٨٠١- وأول ما ينبغي أن يكلف حفظ القرآن متقنًا؛ فإنه يثبت، ويختلط باللحم والدم، ثم مقدمة من النحو، يعرف بها اللحن، ثم الفقه مذهبًا وخلافًا، وما أمكن بعد هذا من العلوم، فحفظه حسن.

٨٠٢- وليحذر من عادات أصحاب الحديث؛ فإنهم يفنون الزمان في سماع الأجزاء التي تتكرر فيها الأحاديث، فيذهب العمر، وما حصلوا فهم شيء! فإذا بلغوا سنًّا، طلبوا جواز فتوى أو قراءة جزء من القرآن، فعادوا القهقرى؛ لأنهم يحفظون بعد كبر السن، فلا يحصل مقصودهم. فالحفظ في الصبا للمهم من العلم أصل عظيم١.

٨٠٣- وقد رأينا كثيرًا ممن تشاغل بالمسموعات، وكتابة الأجزاء، ورأى الحفظ صعبًا، فمال إلى الأسهل، فمضى عمره في ذلك؛ فلما احتاج إلى نفسه، قعد يتحفظ على كبر، فلم يحصل مقصوده.

فاليقظة لفهم ما ذكرت، وانظر في الإخلاص، فما ينفع شيء دونه.


١ انظر: كتاب "لفتة الكبد إلى نصيحة الولد" للمؤلف الملحق بهذا الكتاب.

<<  <   >  >>