للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو أنه قال في كتاب "المدخل إلى كتاب الإكليل": كيف يجوز أن يقال: إن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغ عشرة آلاف حديث، وقد روى عنه من أصحابه أربعة آلاف رجل وامرأة، صحبوه نيفًا وعشرين سنة بمكة، ثم بالمدينة، حفظوا أقواله، وأفعاله، ونومه، ويقظته، وحركاته، وغير ذلك، سوى ما حفظوا من أحكام الشريعة؟! واحتج بقول أحمد: "صح من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع مائة ألف حديث وكسر"، وأن إسحاق بن راهوية١ كان يملي سبعين ألف حديث حفظًا، وأن أبا العباس بن عقدة٢ قال: أحفظ لأهل البيت ثلاث مائة ألف حديث. قال ابن عقدة: وظهر لابن كريب٣ بالكوفة ثلاث مائة ألف حديث. قلت: ولا يحسن أن يشار بهذا إلى المتون.

وقد عجب كيف خفي هذا على الحاكم، وهو يعلم أن أجمع المسانيد الظاهرة مسند أحمد بن حنبل، وقد طاف الدنيا مرتين حتى حصله، وهو أربعون ألف حديث، منها عشرة آلاف مكررة.

٨٠٨- قال حنبل بن إسحاق٤: جمعنا أحمد بن حنبل أنا وصالح٥ وعبد الله٦، وقرأ علينا "المسند"، وقال لنا: هذا كتاب جمعته من أكثر من سبع مائة ألف وخمسين ألفًا، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارجعوا إليه؛ فإن وجدتموه، وإلا فليس بحجة٧. أفترى يخفى على متيقظ أنه أراد بكونه جمعه من سبع مائة ألف أنه أراد الطرق؟! لأن السبع مائة الألف إن كانت من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف أهملها؟!


١ أبو يعقوب، إسحاق بن راهوية الحنظلي الحافظ، من كبار الأئمة "١٦١-٢٣٨هـ".
٢ أحمد بن محمد الهمداني، الحافظ العلامة "٢٤٩-٣٣٢هـ".
٣ محمد بن العلاء بن كريب: الحافظ الثقة "١٦١-٢٤٨هـ".
٤ حنبل بن إسحاق بن حنبل: ابن عم الإمام أحمد وتلميذه، من حفاظ الحديث، توفي سنة "٢٧٣هـ".
٥ صالح: أكبر أولاد الإمام أحمد بن حنبل، تولى قضاء أصبهان "٢٠٣-٢٦٦هـ".
٦ عبد الله بن أحمد بن حنبل: أجل أولاد الإمام كان صينًا دينًا صادقًا "٢١٣-٢٩٠هـ".
٧ هناك كثير من الأحاديث الصحيحة غير مخرجة في المسند.

<<  <   >  >>