للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٠٩- فإن قيل: فقد أخرج في مسنده أشياء ضيعفة، ثم أعوذ بالله أن يكون سبع مائة ألف ما تحقق منها سوى ثلاثين ألفًا! وكيف ضاعت هذه الجملة؟! ولم أهملت، وقد وصلت كلها إلى زمن أحمد، فانتقى منها، ورمى الباقي؟! وأصحاب الحديث قد كتبوا كل شيء من الموضوع والكذب.

٨١٠- وكذلك قال أبو داود١: جمعت كتاب "السنن" من ست مائة ألف حديث.

٨١١- ولا يحسن أن يقال: إن الصحابة الذين رووها ماتوا، ولم يحدثوا بها التابعين؛ فإن الأمر قد وصل إلى أحمد، فأحصى سبعمائة ألف حديث، وما كان الأمر ليذهب هكذا عاجلًا!

ومعلوم أنه لو جمع الصحيح والمحال الموضوع وكل منقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما بلغ خمسين ألفًا! فأين الباقي؟!

٨١٢- ولا يجوز أن يقال: تلك الأحاديث كلام التابعين، فإن الفقهاء نقلوا مذاهب القوم، ودونوها، وأخذوا بها، ولا وجه لتركها!

٨١٣- ففهم كل ذي لب أن الإشارة إلى الطرق، وأن ما توهمه الحاكم فاسد، ولو عرض هذا الاعتراض عليه، وقيل له: فأين الباقي؟! لم يكن له جواب؛ لكن الفهم عزيز، والله المنعم بالتوفيق.

٨١٤- ومثل هذا تغفيل قوم قالوا: إن البخاري لم يخرج كل ما صح عنده، وإن ما أخرج كالأنموذج؛ وإلا فكان يطول. وقد ذهب إلى نحو هذا أبو بكر الإسماعيلي٢، وحكى عن البخاري أنه قال: ما تركت من الصحيح أكثر؛ وإنما يعني الطرق. يدل على ما قلته أن الدارقطني٣ -وهو سيد الحفاظ- جمع ما يلزم البخاري ومسلمًا٤ إخراجه، "فبلغ" ما لم يذكراه أحاديث يسيرة، ولو كان كما قالوا، لأخرج مجلدات.


١ سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني "٢٠٢- ٢٧٥هـ": الإمام الحافظ صاحب السنن، ومحدث البصرة.
٢ أحمد بن إبراهيم الجرحاني "٢٧٧-٣٧١هـ": محدث إمام.
٣ علي بن عمر "٣٠٦-٣٨٥هـ": كان من بحور العلم، وأئمة الدنيا، صاحب التصانيف.
٤ مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري: الإمام الحجة صاحب الصحيح "٢٠٤-٢٦١هـ".

<<  <   >  >>