للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قوله: "ما يلزم البخاري": دليل صريح ما قلته؛ لأنه من أخرج الأنموذج، لا يلزمه شيء.

٨١٥- وكذلك أخرج أبو عبد الله الحاكم كتابًا١ جمع فيه ما يلزم البخاري إخراجه، فذكر حديث الطائر، فلم يلتفت الحافظ إلى ما قاله٢.

فما أقل فهم هؤلاء الذين شغلهم نقل الحديث عن التدقيق، الذي لا يلزم في صحة الحديث؛ وإنما وقع لقلة الفقه والفهم.

٨١٦- إن البخاري ومسلمًا تركًا أحاديث أقوام ثقات؛ لأنهم خولفوا في الحديث، فنقص الأكثرون من الحديث وزادوا، ولو كان ثم فقه، لعلموا أن الزيادة من الثقة مقبولة! وتركوا أحاديث أقوام؛ لأنهم انفردوا بالرواية عن شخص، ومعلوم أن انفراد الثقة لا عيب فيه! وتركوا من ذلك الغرائب. وكل ذلك سوء فهم. ولهذا لم يلتزم الفقهاء هذا، وقالوا: الزيادة من الثقة مقبولة٣، ولا يقبل القدح حتى يبين سببه.

٨١٧- وكل من لم يخالط الفقهاء٤ وجهد مع المحدثين، تأذى، وساء فهمه!! فالحمد الله الذي أنعم علينا بالحالتين.


١ هو كتاب "المستدرك على الصحيحين" قال الذهبي: رأيت الهول من الموضوعات التي فيه.
٢ قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في التقريب: ولم يستوعبا "أي البخاري ومسلم في كتابيهما" الصحيح، ولا التزماه "أي استيعابه". انظر: التدريب "١/ ١٣٢ ط". دار العاصمة.
٣ الزيادة أقسام: أحدها: زيادة تخالف الثقات، فترد. والثاني: ما لا مخالفة فيها فتقبل باتفاق العلماء. والثالث: زيادة لم يذكرها سائر رواة الحديث، والصحيح قبولها. اهـ المختصر الحاوي لمهمات تدريب النوواي ص "١٧٤".
٤ قال المؤلف في الفصل "٣٣٢": كان المحدثون قديمًا هم الفقهاء، ثم صار الفقهاء لا يعرفون الحديث، والمحدثون لا يعرفون الفقه.

<<  <   >  >>