للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لرجل: أخبر فلانًا أني قد كلمت أمير المؤمنين في حقه، وقد أمر له بمائة ألف، فليحضر ليقبضها. فأخبره ذلك الرجل، فقال الشريف: إن كان أمر لي بشيءٍ، فلينفذه لي، وإنما مقصوده أن يضع مني بالتردد عليه.

٨٥٤-فمتى وقع الإنسان مع ذكي، فينبغي أن يتحرر منه، ويسرق أغراضه بصنوف الاحتيال، وينظر فيما يجوز وقوعه، ليحترز منه، كما ينظر صاحب الرقعة التنقلات١.

٨٥٥- وكثير من الأذكياء لم يقدروا على أغراضهم من ذكي، فأعطوه، وبالغوا في إكرامه ليصيدوه، فإن كان قليل الفطنة، وقع في الشرك، وإن كان أقوى منهم ذكاء؛ علم أن تحت هذه الجنية خبيئة، فزاده ذلك احترازًا.

٨٥٦- وأقوى ما ينبغي أن يكون الاحتراز من موتور، فإنك إذا أديت شخصًا، فقد غرست في قلبه عداوة، فلا تأمن تفريع تلك الشجرة، ولا تلتفت إلى ما يظهر من ود، وإن حلف، فإن قاربته، فكن منه على حذر.

٨٥٧- ومن التغفل أن تعاقب شخصًا، أو تسيء إليه إساءة عظيمة، وتعلم أن مثل ذلك يجدد الحقد، فتراه ذليلًا لك طائعًا تائبًا مقلعًا عما فعل، فتعود، فتستطيبه، وتنسى ما فعلت، وتظن أنه قد انمحى من قلبه ما أسلفت، فربما عمل لك المحن، ونصب لك المكايد، كما جرى لقصير مع الزباء، وأخباره معروفة٢.

٨٥٨- فإياك أن تساكن من آذيته، بل إن كان ولا بد، فمن خارج، فما نؤمن الأحقاد.

ومتى رأيت عدوك فيه غفلة، لا يثنيه مثل هذا، فأحسن إليه؛ فإنه ينسى عداوتك، ولا يظن أنك قد أضمرت له جزاء على قبح فعله، فحينئذ تقدر على بلوغ كل غرض منه.

٨٥٩- ومن الخور٣ إظهار العداوة للعدو، ومن أحسن التدبير التلطف


١ نقلات أحجار الشطرنج.
٢ انظر ذلك في: شرح "مقصورة ابن دريد" للخطيب التبريزي ص "٢٨-٣٢".
٣ الخور: الضعف والخوف.

<<  <   >  >>