للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٥٦٣- وقال آخر: قد عبت شخصًا قد ذهب بعض أسنانه، فانتثرت أسناني!

ونظرت إلى امرأة لا تحل، فنظر إلى زوجتي من لا أريد!

١٥٦٤- وكان بعض العاقين ضرب أباه، وسحبه إلى مكان؛ فقال له الأب: حسبك! إلى ها هنا سحبت أبي!!

١٥٦٥- وقال ابن سيرين: عيرت رجلًا بالإفلاس، فأفلست. ومثل هذا كثير.

١٥٦٦- ومن أعجب ما سمعت فيه عن الوزير ابن جهير الملقب بالنظام١: أن المقتفي غضب عليه، وأمر بأن تؤخذ منه عشرة آلاف دينار، فدخل عليه أهله محزونين، وقالوا له: من أين لك عشرة آلاف دينار؟! فقال: ما يؤخذ مني عشرة ولا خمسة ولا أربعة. قالوا: من أين لك؟ قال: إني ظلمت رجلًا؛ فألزمته ثلاثة آلاف، فما يؤخذ مني أكثر منها؛ فلما أدى ثلاثة آلاف دينار، وقع الخليفة بإطلاقه ومسامحته في الباقي.

١٥٦٧- وأنا أقول عن نفسي: ما نزلت بي آفة أو غم أو ضيق صدر، إلا بزلل أعرفه، حتى يمكنني أن أقول: هذا بالشيء الفلاني. وربما تأولت فيه بعد، فأرى العقوبة. فينبغي للإنسان أن يترقب جزاء الذنوب، فقل أن يسلم منه.

١٥٦٨- وليجتهد في التوبة؛ فقد روي في الحديث: "ما من شيء أسرع لحاقًا بشيء من حسنة حديثة لذنب قديم" ٢، ومع التوبة يكون خائفًا من المؤاخذة، متوقعًا لها؛ فإن الله تعالى قد تاب على الأنبياء عليهم السلام، وفي حديث الشفاعة: "يقول آدم: ذنبي، ويقول إبراهيم وموسى: ذنبي".

١٥٦٩- فإن قال قائل: قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣] : خبر، فهو يقتضي ألا يجاوز عن مذنب، وقد عرفنا قبول التوبة، والصفح عن الخاطئين؟


١ هو المظفر بن علي بن محمد بن جهير المتوفى سنة "٥٤٩هـ"، ولي الوزارة للمقتفي سبعة أعوام ثم عزل. كما أفادنيه الأخ محمد علي بحري فجزاه الله خيرًا، وقد جاء في الأصل "ابن حصير" وهو تصحيف.
٢ رواه الحكيم الترمذي، والطبراني في الكبير وابن مروديه، عن ابن عباس رضي الله عنه موقوفًا عليه.

<<  <   >  >>