قال الشيخ المقرئ الإمام أَبو القاسم عبد الرحمن بن أَبي بكر بن أَبي سعيد القرشي الصقلي ﵀ وعفا عنه:
الحمد للهِ العالم بمقاديرِ الأمورِ، المطلعِ على مضمراتِ الصُّدورِ، السابقِ في الأَشياءِ أَمرُهُ، الماضي فيها قَدَرُهُ، الراسخِ في الأقدار عِلْمُهُ، النافذِ في الخلق حُكْمُهُ، أَحاط بالأشياء علمُهُ، ونَفَذَ فيها حكمُهُ، وذَّللها عزه، وأحصاهَا حفظه، فلم تعزب عنه غيوب خفيات الهوا، ولا غامض سواتر مكنون ظُلَمِ الدُّجَى، ولا ما في السماوات العُلَى، والأَرضين السفلى، ابتدع ما خلق بلا مثال سَبَقَ، ولا تَعَبٍ ولا نَصَب.
والحمد لله الذي أَعذب أَلسن الذاكرين بحلاوة ذكره، وأَرهب قلوب المتفكرين من مخافة مكره، وأَيَّد المؤمنين منه بجميل نصره، ووهب المزيد من نعمه لِمُديم شُكره، وجعل أَهل المعاصي تكرمًا في خَفِيِّ ستره، الباسط بالخير يده، الَّذي لا تنقص خزائنه، ولا تنفد مواهبه، ولا تُرَدُّ عزائمه، ولا تحصى عجائبه، الَّذي أَذل الجبارين بعزته، وقمع المتكبرين بسلطان ملكوته، وقهرهم ببقائه وديموميته، فالخلق له