أما بعد سؤالك إِياي عند قراءتك عليَّ وعلمي بصونك، وحرصي على سارك لمقصدك، فإني أَجبت سؤالك، وأَسعفتك طَلِبَتَك، لما في ذلك من جزيل الثواب، وحسن المآب، لمن عَلَّمَ كتاب الله العزيز، جعلنا الله وإياك والمسلمين من أَهلِه، وعصَمنا الله وإِياك وهم من الهوى وسلوك الضلالة والرياء، نسأله ﷿ التوفيق في القول والعمل، وهو حسبي ونعمَ الوكيل.
وقد جمعت لك في هذا الكتاب من أُصول قراءتي، وشرحت لك تأدية روايتي، من طرق رغبت إِليَّ فيها، واقتصرت عليها، إِرادة الاختصار، ولعمري لقد كفانا مشايخنا الأَئمة المرضيُّون من ذكر مناقب القراء وبيان مذاهبهم ما فيه مقنع لمن طلبه، وإِنما القصد بالإيجاز والاختصار رَغْبَةً في الحفظ، وخوف الملل لعَدم الطالبين وقلَّة الراغبين، وسميته بكتاب (التجريد لبغية المريد) وجميع فيه الكثير باللفظ اليسير، وتوسلت بالأسهل عن الأَصعب، والأَقرب عن الأَبعد. واللهَ أَسأَل أن يجنبني من التكلف فيما قصدت لقوله ﷾: ﴿قُلْ مَآ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص ٨٦] وهو تعالى ولي كل نعمةٍ، ومنتهى كل رغبة، وهو حسبي ونعم الوكيل.