وسار ربيعة بْن قَيس إلى الفُسطاط، فنزل عَلَى الخَنْدَق سلخ ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائة، فتناوشوا شيئًا من حرب وكانت بينهم قَتلَى، ثمَّ انصرفوا، وأقبل عثمان بْن بَلادة العَبْسيّ من قِبَل رَبيعة إلى الخَنْدَق فِي جمادى الأولى سنة سبع وتسعين، فتحاربوا، ثمَّ انهزم ابن بَلادة يومئذٍ من عَبَّاد، ثم أقبل عثمان بْن بَلادة إلى الخَندق فِي شوَّال سنة سبع وتسعين، فاقتتلوا أيَّامًا وعلى أهل الفُسطاط أَبُو الكَرَم بْن حُوَيّ بْن حُوَيّ، فقُتل أَبُو الكَرَم، ثمَّ رأَى عبَّاد أن يبعث إليهم بجيش فيحاربهم فِي ديارهم، فعقد لعبد العزيز الجَرَويّ، فالتقى معهم بعَمرِيط فِي ذي القعدة سنة سبع وتسعين، فانهزم الحَرَويّ ومضى فِي قومه من لَخْم وجُذَام إلى فاقُوس، فعذله قومه، وقالوا: لِمَ لا تدعو لنفسك، فما أنت بدون هَؤُلّاءِ الذين غلبوا عَلَى الأرض، فمضى منهم إلى بُلْبيَس، فنزلها ثمَّ عُمَّاله يجبُون الخَراج من أسف الأَرض، فبعث إِلَيْهِ ربيعة بْن قيس بعثمان بْن بَلادة يمنعه من الجِباية.
وسار أهل الحَوف أيضًا فِي المحرَّم سنة ثمان وتسعين ومائة إلى الخَندق، فعقد عَبَّاد للسَريّ بْن الحكم عَلَى حربهم، فاقتتلوا وقُتل جمع من الفريقين، وقُتل فيهم محمد بْن حريّ، فانكشف أهل الحَوْف وبلغهم مقتل محمد الأمين وبيعة المأمون، فتفرَّقوا.
وكان مقتل محمد فِي المحرَّم سنة ثمان وتسعين ومائة، وصُرف عَبَّاد عَنْهَا فِي صفر سنة ثمان، فكانت ولايته عليها سنةً وسبعة أشهُر.