من بَرْقة للنصف من جمادى الآخرة سنة ستّ عشرة، فأقام بالفُسطاط لأن النيل فِي مدّه قد حال بينه وبينهم، ثمَّ خرج الأَفْشِين، وعيسى بْن منصور جميعًا، فعسكروا بأَشْلِيم، وعقدوا عليهم لابن عُبَيْدُس الفِهْريّ من ولَد عُقْبة بْن نافع، فواقعهم الأَفْشِين بأَشْلِيم، فهزمهم وأسر منهم كثيرًا، فقتلهم، ورجع عيسى بْن منصور إلى الفُسطاط، ومضى الأَفْشين إلى الحَوْف ففلّ جماعتهم.
وبعث الأَفْشين عُبَيْد اللَّه بْن يزيد إلى الإِسكَندريَّة واستجاشت عَلَيْهِ بنو مُدْلِج، فحصروه فِي حِص الإِسكَندريَّة وذلك فِي شوَّال سنة ست عشرة، ومضى الأَفْشِين إلى شَرْقُيون، فلقِيَ مَن هناك بمحَلَّة أَبِي الهَيْثَم، فاقتتلوا، فظفِر بهم الأَفْشين، وقتل صاحبهم أَبَا ثور اللَخْميّ، ومضى الأَفْشين أيضًا إلى دَمِيرة، فحاربهم فِي ذي القَعدة سن ستّ عشرة، فظفِر بهم، وخرج عيسى بْن منصور من الفُسطاط إلى تُمَيِّ، فقاتل أهلها، فانهزم أهل تُمّيّ وأقبل الأَفْشِين فِي جنوده إلى الإِسكَندريَّة، فلَقيَه طائفة من بني مُدْلِج بخَرِبتا، فهزمهم، وأتوه أيضًا بَمَحلَّة الخلفاء، فهزمهم وأسر أكثرهم، فنزل بهم قَرْطَسا، فضرب أعناقهم بها وأتى الإِسكَندريَّة، فدخلها، وهرب منه رُؤَساؤهم، وهم: بَحْر بْن علي اللَخْميّ، وابن عُقاب اللَخْمي، وكان رئيس جماعتهم مُعاوية بْن عَبْد الواحد بْن محمد بْن عبد الرحمن بْن مُعاوية بْن حُدَيج، وكان دخول الأَفْشين الإِسكَندريَّة لعشر بقينَ من ذي الحجَّة سنة ستّ عشرة، ومضى الأَفْشيِن بعد فتح الإِسكَندريَّة إلى أهل البَشَرُود، فكان مُواقفًا لهم، وقد امتنعوا حتى قدِم المأْمون.