إِسْبَنْدِيار، ثمَّ بعث المأمون برجُلٍ من العجَم، يقال لَهُ: ابن بِسْطام فولَّاه الشُّرَط، فعزله كَيْدُر لرَشوةٍ ارتشاها، وأمر بضربه بالسَّوط فِي صحن المسجِد الجامع.
وولَّى رجُلًا بُخاريًا، يقال لَهُ: ذاوَه، ثمَّ عزله وولَّى ابنه مُظَّفر بْن كَيْدُر باستخلاف مظفَّر ذاوَه عَلَى الشُّرَط، وورد كتاب أَبِي إِسْحَاق بْن الرشيد عَلَى كَيْدُر بان يأخذ الناس بالمِحْنة، ورد الكتاب فِي جمادى الآخِرة سنة ثماني عشرة ومائتين، والقاضي بِمصر هارون بْن عبد الله الزُّهريّ، فأخذه كَيْدُر بذلك، فأجاب وأخذ الشهود بِهِ، فأجابوا، فمَن وقف منهم سقطت شهادته وأخذ بها الفُقَهاء والمحدِّثين والمؤذِّنين، فكان الناس عَلَى ذَلكَ من سنة ثماني عشرة إلى أن قام المتوكِّل سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.
وتُوُفّي المأمون بأرض الرُّوم لسبع خلونَ من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين، وبايع الناس أَبا إِسْحَاق المُعتصِم، فورد كتابه إلى كَيْدُر ببَيعته، وأمره بإِسقاط مَن فِي الديوان من العرَب، وقطع أعطِياتهم، ففعل ذَلكَ كَيْدُر.
حَدَّثَنِي ابن قُدَيد، قَالَ: حَدَّثَنِي عليّ بْن أحمد بْن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيد الهَمَذانيّ، عَنْ طَلْق بْن السَّمْح، قَالَ: حَدَّثَنَا نافع بْن يزيد، قَالَ: قطع مَرْوان بْن محمد العطاء سنةً ثمَّ كتب إليهم كتابًا يعتذر إليهم فِيهِ: «إِني إنّما حبستُ عنكم العَطاء في السنة الماضية لعدوّ حضرني، فاحتجتُ فِيهِ إلى المال، وقد وجَّهتُ إليكم بعطاء السنة الماضية وعطاء هذه السنة، فكُلوا هنيئًا مريئًا، وأَعوذ بالله أن أكون أَنَا الَّذِي يُجري اللَّه قطع العطاء عَلَى يديه».
ولمَّا قطع العطاء خرج يحيى بْن الوزي الجَرويّ فِي جمع من لَخْم وجُذام، وقال: هذا أمر لا تقوم فِي أفضل منه لأنه منعنا حقّنا وفيْئنا، واستمع إِلَيْهِ نحو من خمسمائة رجُل.