للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بُنيت لهم دِكَّة عظيمة رفيعة السمك، فأمر أحمد بْن طُولُون بابن جَدار، فضُرب ثلاثمائة سوط، ثمَّ تقدَّم إِلَيْهِ الْعَبَّاس، فقطع يديه ورِجليه وأُلقي فِي الدِّكَّة.

ثمَّ بعث أحمد بْن طُولُون بلُؤلُؤ غُلامه فِي جيش إلى الشام، فكاتبه أَبُو أحمد المُوفَّق، وبعث إِلَيْهِ أَبُو أحمد، فحمله فِي الماء من الرَّقَّة جمادى الأولى سنة تسع وستّين، فبلغ ذَلكَ أحمد بْن طُولُون، فسارع إلى الخُروج، ورجا أن يلحق لُؤلُؤً، واستخلف عَلَى مِصر ابنه خُمارَوَيْه بْن أحمد.

ثمَّ خرج أحمد فِي صفر سنة تسع وستّين وخرج معه بالعبَّاس مقَيَّدًا، فسار أحمد حتى نزل دِمَشْق، فكتب إلى خَلَف الفَرْغانيّ عامله عَلَى طُرْسُوس، كَانَ طخشي قد استخلفه عليها عند وفاته، فكتب إِلَيْهِ أحمد يأْمره بالقبض عَلَى يازَمان الخادم ويجمله إِلَيْهِ، فعلِم أهل طُرْسُوس بذلك، وأخذوا يا زَمان من يدَى خَلَفًا من طُرْسُوس، وولَّوا عليهم يازَمان، فمضى أحمد بْن طُولُون إلى دِمَشْق يُريد المسير لمحارَبة أهل طُرسُوس، فتلقَّاه كِتاب المُعتمِد يُعلمه أَنَّهُ خارج إِلَيْهِ، فتوقف أحمد بْن طُولُون، وخرج المعتمِد من العِراق كالمتصِّد ثمَّ ركِب الطريق إلى الرَّقَّة، وبلغ أَبَا أحمد الموفَّق مسيره وهو إذ ذاك مواقِف العَلَويّ بالبَصرة، فكتب أَبُو أحمد إلى إِسْحَاق بْن كُنداج الجَزَريّ، والي صاعد بْن مَخْلَد يُخبرهما أن المُعتمِد قد مضى إلى أحمد بْن طُولُون، وإن تمّ لَهُ هذا لم يبقَ من الموالي أحدٌ، ويأمر إِسْحَاق أن يلحقه، فيردّه، ووعده عَلَى ردّه أموالًا وإِقطاعات، فلمَّا سار المُعتمِد إلى الحدِيثة أتاه إِسْحَاق بْن كُنداج بهدايا وألطاف، واستأذنه فِي خِطاب الَّذِي ساروا معه وهم خطارمِش، وأحمد بْن خاقان، وتيتك، وإبراهيم بْن مُدَّبر، وأذِن لَهُ فِي خِطابهم، فخلا بهم إِسْحَاق، فقيَّدهم، ثمَّ عاد إلى المُعتمِد، فقال: إن الَّذِي عزم عَلَيْهِ أمير المؤمنين هُوَ الخطأ.

وأخذه بان احذره إلى سُرّ من رأَى يوم الأحد لخمس خلونَ من شعبان سنة تسع وستّين، ووكَّل بِهِ إِسْحَاق بْن كُنداج خمسمائة رجُل، فعقد أَبُو أحمد المُوفَّق لإسحاق بْن كُنداج عَلَى مِصر.

<<  <   >  >>