وكان بدر الحمامي واليا على الشام من قبل هارون، فكتب بدر إلى محمد بن سليمان بالسمع والطاعة، ثم تلقاه هو والحسين بن أحمد الماذرائي، فكانا معه في عسكره، وكتب محمد بن سليمان إلى دميانة، وهو بالثغر يأمره بالمسير في مراكبه إلى سواحل مصر وفلسطين، وضم إليه رشيق الوردامي المعروف بغلام زرافة، فسار مع دميانة، واقبل محمد بن سليمان إلى فلسطين، وعليها وصيف بن صوارتكين عاملا لهارون، فكتب وصيف إلى محمد بن سليمان بالسمع والطاعة، ولحق صافي مولى خمارويه محمد بن سليمان.
وأتت الأخبار إلى مصر تتبع بعضها بعض بمسير محمد بن سليمان، فأخرج هارون مضاربه يوم الإثنين مستهل ذي الحجة سنة إحدى وتسعين ومائتين.
وخرج إليها هارون فنزلها يوم التروية، وبعث هارون بوصيف القطرميز في المراكب الحربية، ومعه: خصيف البربري، وحماد بن ما يخشي فساروا في النيل حتى أتوا تنيس ليمنعوا دميانة، فلقيهم دميانة ليلة النحر، فحاربهم، فانكشفوا عنه، واستأمن إليه كثير منهم، وهرب وصيف القطرميز، ودخل دميانة تنيس، فآمن أهلها وسكنهم، ومضى حماد بن مايخشي إلى قرى أسفل الأرض، ففرض فروضا وأقبل بهم، ومضى دميانة إلى دمياط، فكتب إلى أصحاب هارون كتابا يدعوهم إلى طاعة المكتفي، أبوها، فسار إليهم في خليج دمياط، فالتقوا غداة يوم الجمعة لثلاث بقين من ذي الحجة سنة إحدى وتسعين، فقتل كثير من أصحاب القطرميز، وانهزم الباقُون، وأُسر خَصيب البَرْبَريّ، ووَصِيف القَطرميز، وحماد بْن ما يخشي، واحتوى دَمْيانة عَلَى مراكبهم بما فيها، وسار هارون بْن خُمارَوَيه فنزل العبَّاسة واستخلف عَلَى الفُسطاط حسن بْن السَّيْر، وأخرج هارون معه بجميع أهله وأعمامه خوفًا من قيامهم بعده بالفُسطاط، فكانوا معه فِي ضُرّ وجَهد، ثمَّ نزل دَمْيانة دَمِيرة، فلقِيَه بها محمد بْن أبَّا، ونجيح، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فظَفِر بهم دَمْيانة، وبعث عليّ بْن فُلْفُل فِي عِدَّة مراكب، فكانوا فِي النِّيل بإِزاء دَمْيانة ليمنعوه من المسير،