قَالَ: " أَقام غَوْث بْن سُلَيْمَان بِمصر ثلاث وعشرين سنة مُنذ صُرف عَن القضاء سنة أربع وأربعين ومائة، وذلك أن أُمّ المَهديّ وقع بينهما وبين أَبِي جَعْفَر خُصُومة، فقالت أُم مُوسَى بِنْت يزيد بْن منصور بْن عبد الله الحِمْيَرِيَّة: لا أرضى إلَّا بحُكم غَوْث بْن سُلَيْمَان.
فحُمل إلى العِراق حتَّى حكم بينه وبينهما، ورجع إلى مِصر "
ثنا محمد بْن يوسف، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن قُدَيد، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نصر أحمد بْن عليّ بْن صالح، قَالَ: حَدَّثَنِي ياسين بْن عَبْد الأحد، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ غَوْث بْن سُلَيْمَان، يَقُولُ: " بعث إليَّ أمير المؤمنين أَبُو جَعْفَر، فحُملتُ إِلَيْهِ، فقال لي: يا غَوْث، إنَّ صاحبتكم الحِمْيَرِيَّة خاصمتني إليك فِي شروطها.
قلت: أَيرضى أمير المؤمنين أن يحكّمني عَلَيْهِ؟ قَالَ: نعم.
فقلت: إنَّ الأحكام لها شُروط، أَفيحتملها أمير المؤمنين؟ قَالَ: نعم.
قَالَ: يأمرها أمير المؤمنين أن توكِّل وكيلًا وتُشهِد عَلَى وكالته خادمَين حُرين يعدّلهما أمير المؤمنين عَلَى نفسه.
ففعل، فوكّلت خادمًا وبعثت معه كتاب صَداقها، وشهِد الخادِمان عَلَى وَكالتها، فقلت: قد تمَّت الوكالة، فإن رأَى أمير أن يُساوي الخصم فِي مجلِسه.
قَالَ: فانحطّ عَنْ فَرْشه وجلس مَعَ الخصم، ودفع إليّ الوكيل كتاب الصَّداق، فقرأته عَلَيْهِ، فقلت: يُقرّ أمير المؤمنين بما فِيهِ قَالَ: نعم.
قلت: أَرى فِي الكتاب شروطًا مُوكَّدةً بها تمَّ النِّكاح بينكما، أرأَيت يا أمير المؤمنين لو خطبتَ إليهم ولم تشترط لهم هذا الشَّرط أكانوا يزوّجونك؟ قَالَ: لا.
قَالَ: قلتُ فبهذا الشرط تمّ النكاح وأنت أحقّ من وفى لها بشرطها.
قَالَ: علِمت إذْ أجلستني هذه المجلِس أنَّك ستحكم عليَّ.
قَالَ: قلت لَهُ: أَعظِمْ جائزتي، وأَطلقْ سبيلي.
قَالَ: بل جائزتك عَلَى من قضيتَ لَهُ.
ثمَّ أمر لي بخِلعة وجائزة.
ثمَّ أمر أَبُو جَعْفَر باحتباس غَوْث ليحكم بين أهل الكُوفة، فقال لَهُ غَوْث: يا أمير المؤمنين لَيْسَ البلَد بلَدي ولا لي بأهلها، فإِذا أَنَا ناديت من لَهُ حاجة بخصومة، فلم يأتِ أحد أيأذَنْ لي يا أمير المؤمنين فِي الرجوع إلى بلَدي.
قَالَ: نَعم.
فجلس غَوث يحكم، ثمَّ نادى بعد ذَلكَ، فانقطعت عَنْهُ الخصوم وسار إلى مِصر "
حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى بْن أَبِي مُعاوية، قَالَ: حَدَّثَنِي خلَف، قَالَ: