البِناء وجُعلت لَهُ حوانيت غَلَّةً لَهُ، وكتب قضيَّةً بذلك: بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم، هذا كتبا أمر بِهِ القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله، وهو يومئذٍ يلي القضاء بين أهل مِصر فِي صفر سنة ثمان وثمانين ومائة بما يثبت عنده فِي المسجِد الَّذِي، يقال لَهُ: مسجِد عبد اللَّه الَّذِي بالظاهر، قِبْليه الطريق الأعظم إلى المسجِد الجامع، وبحريّه الطريق الَّذِي يُسلَك إلى سوق بَربَر، وشرقيّه السُّويقة التي، يقال لها: سُويقة مسجد عبد الله عَلَى طريق الموقِف، وغربيّه الطريق الَّذِي يُسلَك منه عَلَى الجُبّ الَّذِي، يُقال لَهُ: جُبّ عبد الله، حين رفع إلى القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله نفَر من جِيرة هذا المسجِد، أن هذا المسجد قد رثّ وخيف عَلَيْهِ لانكسار خشَبه وسقفه، واحتاج إلى العِمارة والمرمَّة، وأنهم قد وجدوا من احتسب فِي إِصلاحه وبِنائه، وتصير حوانيت تحته فِي حقوقه لتكون غَلَّتها فِي مرمَّة ما استُهدم منه، وفي زيته وحُصُره، وأَجر مُؤَذِّنه وشأنه كلّه، فسأَلوا القاضي عبد الرحمن بن عبد الله، أن يأْذَن لهم فِي ذل.
فدعاهم بالبيّنة عَلَى ما ذكروا، فأقاموا بينهً عُدّلوا عنده، وقبِل شهادتهم، فشهِدوا عند القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله أن هذا المسجِد الموصوف فِي صدر هذا الكتاب خيف عَلَى سقفه من قِبَل خشَبه، واحتاج إلى العِمارة والمرمّة فِي جُدُره، وأن أجنحته التي حوله وما تحت هذا المسجِد لَيْسَ لأحدٍ فهي حقّ، وأن الَّذِي طُلب من عِمارته وبِنائه وإِصلاحه وتصيير حوانيت تحته فِي حقوقه، ومرمّة ما استَرَمّ منه، وفي زيته وحُصُره، وأَجر مؤذِّنه، وغير ذَلكَ من نوائبه منفعة للمسلمين ممَّن صلَّى فِيهِ، وأن ذَلكَ لَيْسَ بضرَر عَلَى أحد، وبعث القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله نفرًا ممَّن يثق بهم، فنظروا إلى المسجِد الموصوف فِي هذا الكتاب، فرفعوا إِلَيْهِ مثل الَّذِي شهِد بِهِ الشهود فِي هذا الكتاب.
فلمَّا ثبت عند القاضي ذَلكَ، رأَى أن يأْذَن فِي عِمارة هذا المسجِد الَّذِي وُصف فِي هذا الكتاب وبُنيانه وإِصلاحه، وتصيير الحوانيت التي أرادوها تحته فِي حقوقه لتكون غلّتها فِي مرمّته إن احتاج إليها، ولما يُصلحه فِي زيته وحُصُره، وأجر مُؤذّنه، وغير ذَلكَ من شأنه، ويكون فضلًا إن فضِل من غلَّتها فِي وجوه الخير.
ورُفع إلى القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله، أن هذا المسجِد الموصوف فِي هذا الكتاب قد أُصلِح وفُرغ من بُنيانه وحوانيته، وأتوا بشهود، يُقال لهم: عَبْد الصمَد بْن سَعِيد، وعمرو بْن إسماعيل بْن عُمَر الأَيْليّ، ومحمد بْن سُلَيْمَان بْن محمد، فشهِدوا عند القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله، أن هذا المسجِد الموصوف فِي هذا الكتاب كَانَ يُخاف عَلَى سقفه من قِبَل خشَبه، واحتاج إلى العِمارة والمرّمة فِي جُدُره، وأن كل ما كَانَ تحت هذا المسجِد، وما فوقه، والثلاثة الأَجنحة التي حوله مُلصَقة بِهِ إنَّ ذَلكَ كله من حقّ المسجِد، وحدوده لَيْسَ لأحدٍ فِيهِ حقّ، ولا دعوى ولا طِلبة بوجهٍ من الوجوه، وأن المجالس التي كانت حول المسجِد خارجةً منه، كَانَ يؤدّي من يجلِس فيها الكِراء إلى من يقوم بأمر هذا المسجِد، أنها عَلَى حالها لم تدخُل فِي المسجِد ولا فِي حوانيته، وعدل الشهود عند القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله فقبِل شهادتهم، وسأَل القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله من حضره من جيرة هذا المسجِد الموصوف فِي هذا الكتاب، أن يكتب لهم ما ثبت عنده فِي كُتُبًا يضَعها عند من يرى ليكون ذَلكَ حُجَّةً وقُوَّةً، وأن يولّي القيام بِهِ رجُلًا من أهل الثِّقة.
فولَّى القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله السَّكَن بْن أَبِي السَّكَن القُرَشيّ القِيام بأمر هذا المسجِد الموصوف فِي هذا الكتاب، وإِكراء حوانيته، وأن يُنفق من كِرائها ما رأَى فِي زينه وحُصُره، وأجْر مُؤذِّنه ما يحتاج إِلَيْهِ فِي أمره كله، ويُنفق بقيّةً إن بقِيَت من كِرائه حيث رأَى من وجوه الخير، وجعله فِي ذَلكَ أمينًا، وأمره بتقوى اللَّه وطاعته، والعمَل فِي ذَلكَ بحقّ اللَّه عَلَيْهِ، وأنفذ القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله، أن يُكْتَب هذا الكتاب نُسَخًا تكون وثيقةً فِي هذا المسجِد الموصوف فِي هذا الكتاب.
فكُتبت، ودفع منها كِتابًا إلى عبد الله بْن وَهب بْن مُسلم القُرَشيّ، وكتابًا إلى حجَّاج بْن سُلَيْمَان الحِمْيَريّ، وكتابًا إلى رَبيعة بْن الوَليد الحَضْرَميّ، وكتابًا إلى شُعيب بن الليث بْن سعد الفَهمِيّ، وكتابًا إلى أَبِي زُرارة الليث بْن عاصم القِتْبَانيّ، وكتابا إلى عَبْد الصمد بْن سَعِيد الأنصاريّ، وكتابًا إلى محمد بْن سُلَيْمَان بْن فُلَيح، وكتابًا إلى الأشقر عَبْد الملك بْن سالم، وكتابًا إلى السكَن بن أَبِي السكن المُقيم بهذا المسجد، وكتابًا إلى محمد بْن سُلَيْمَان بْن محمد بن عُبيد، وكتابًا فِي ديوان القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله، وأشهد القاضي عبد الرحمن بْن عبد الله الشهود المسمّين فِي هذا الكتاب، أَنَّهُ ثبت عنده ما فِي هذا الكتاب، وأمر بِهِ، وأنفذه عَلَى ما سُمّي، وفُسِّر فِيهِ وذلك فِي صفر سنة ثمان وثمانين ومائة "
حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن قُدَيد، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بن عثمان، عَنْ أبيه، قَالَ: " فلمَّا اشتدّ البلاء عَلَى أهل مِصر من وِلاية العُمَريّ، خرج نفر من القُرَّاء احتسبوا فِي خروجهم إلى هارون، فشكَوْا إِلَيْهِ ما يفعله العُمَريّ فيهم، فقَالَ هارون: نظروا فِي الديوان كم لي من والٍ من ولد عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
فكُشف الديوان، فلم يوجد غيره، فقال: انصرفوا لا عزلته أبدًا "
حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بْن عبد الله. . . . . . . . . . . الصَّدَفيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا