للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال لَهُ: تذكر ابن أَبِي الليث فِي مجلِسي لا تعُدْ إليَّ فِي شهادة.

ورُفع عَلَيْهِ، أن قَالَ لسهل بْن سلَمة الأسوانيّ: قد عُدّلت عندي ولست أقبَل شهادتك لأنَّك عمِلت لابن أَبِي الليث.

ورُفِع عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَالَ لسليمان بْن أَبِي نصر: لا أُجيز وصيَّة من أوصى إليك وقد صحّ عندي أنَّك كُنتَ تأتي ابن أَبِي الليث.

وأخرج الوصيّة من يده

أخبرني عمّي، قَالَ: شهِد رجُل عند الحارث، فقال لَهُ الحارث: ما اسمك؟ قَالَ: جِبْريل.

قَالَ لَهُ الحارث: لقد ضاقت عليك أسماء بني آدم حتى سُمّيتَ بأسماء الملائكة.

فقال لَهُ الرجُل: كما ضاقت عليك الأسماء حتّى سُمِّيت باسم الشيطان، فإنَّ اسمه حارث.

أخبرني ابن قُدَيد، عَنْ يحيى بْن عثمان، قَالَ: " حكم فِي دار الفيل وهي دار أَبِي عثمان مولى مَسْلَمة بْن مُخلَّد الأنصاريّ جماعة من قُضاة مِصر، منهم: تَوَبة، والمُفضَّل، والعُمَريّ، وهارون، وحكم هارون بْن عبد الله فيها بإخراج بني البنات من العَقِب، فلمَّا ولِيَ محمد بْن أَبِي الليث، فسخ حُكم هارون، ودفع إلى بني السائح بِضعها، فلمَّا ولِيَ الحارث، فَسَخ حُكم ابن أَبِي الليث فيها وأَخرج بني السائح منها، فخرج إِسْحَاق بن إبراهيم بْن السائح إلى المُتوكِّل يرفع عَلَى الحارث بْن مِسكين ويتظلَّم منه، وأحضر قضيَّته إلى العِراق، وأمر المُتوكِّل بإحضار الفُقهاء، فنظروا فِي قضيَّته خطَّئُوه فيها، وتناولوه بأَلسِنتهم، وكان الفُقَهاء الذين نظروا فِي قضيَّته من الكُوفيّين، وإنَّما حكم الحارث عَلَى مذهب المَدَنيّين، وبلغ الحارث ما جرى هناك من ذِكره، فكتب يسأَل أن يُعفَى عَن القضاء.

فكتب إِلَيْهِ جَعْفَر بْن عَبْد الواحد الهاشميّ: أَنهيتُ إلى أمير المؤمنين أن كتابك وصل باستعفائك ممَّا تقلَّدته من أمر القضاء بِمصر، فأمر أيَّده اللَّه بإجابتك إلى ذَلكَ، وإعفاءك ممَّا تقلَّدت، إسعافًا لك بما سأَلت، وتفضلًا لما أدَّى إلى مُوافقتك فِيهِ، فرأْيك أبقاك اللَّه فِي معرِفة ذَلكَ والعمَل بحسبه.

وكان قد ورد الكتاب بذلك عَلَى الحارث فِي ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ومائتين، ثمَّ ورد كتاب المُتوكِّل عَلَى بكَّار بْن قُتَيبة يأْمره بالنظَر فِي ظُلامة ابن السائح، وأن يُرَدّ إلى يده ما كَانَ الحارث أَخْرَجَهُ عَنْهَا "

أخبرني أحمد بْن محمد بْن سلامة، أن بكارًا استعظم فسخ حُكم الحارث فيها، إذ كَانَ الحارث إنَّما كَانَ حكم فيها عَلَى مذهب أصحابه المَدَنيّين، قَالَ أحمد: فلم يزل يُونُس بْن عَبْد الأعلى يكلّم بكَّارًا ويجسّره حتى حكم فيها، وردّ إلى ابن السائح ما كَانَ بيده منها.

<<  <   >  >>