وكتب عَبْد الملك إلى أخيه يسأله: أَن يرفع لَهُ عَنْ ولاية العهد ليعهد إلى الوليد، وسليمان، فأَبى عَبْد العزيز ذَلكَ.
فحَدَّثَنِي ابن قُدَيد، عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عُفَير، عَنْ أبيه، عَن القاسم بْن الْحَسَن بْن راشد، قَالَ: فكتب إِلَيْهِ عَبْد العزيز: " إن يكن لك ولد فلنا أولاد، ويقضي اللَّه بما يشاء.
فغضِب عَبْد الملك، فبعث إِلَيْهِ عَبْد العزيز بعليَ بْن رَباح اللَخْميّ يترَّضاه، فلمَّا قدِم عَلَى عَبْد الملك استعطفه عَلَى أخيه، فشكاه عَبْد الملك، وقال: فرَّق اللَّه بيني وبينه.
فلم يَزل بِهِ حتى رضِيَ، فقدِم عَلَى عَبْد العزيز فجعل يُخبره عَنْ عَبْد الملك وحاله، ثمَّ أَخبره بدعوة عَبْد الملك، فقال: أَنَا والله مُفارقه، والله ما دعا دعوةً قطّ إلَّا أُجيبت ".
قَالَ سَعِيد: وكان فِي كتاب عَبْد العزيز إلى عَبْد الملك: إنَّك لو رأَيت الأصبغ لَسرّك ولم تقدّم عليه أحدًا.
وقال عَبْد العزيز بْن مَرْوان: قدِمت مِصر فِي إمرة مَسْلَمة بْن مُخلَّد فتمنَّيت بها أمانيَّ فأَدركتها: تمنَّيت ولاية مِصر، وأَن أجمع بين امرأَتيْ مَسْلَمة، ويحجبني قيس بْن كليب حاجبه.
فتُوُفّي مَسْلَمة، فقدِم مِصر فولِيها، فحجبه قيس وتزوَّج امرأَتي مَسْلَمة، وهما أُمّ كُلثوم الساعديَّة، وأَرْوى بِنْت راشد الخَوْلانيّ.
وتُوُفّي الأصبغ بْن عَبْد العزيز يوم الخميس لتسع بقينَ من شهر ربيع الآخر سنة ستّ وثمانين، مرِض عَبْد العزيز بعد وفاة الأصبغ، ثمَّ تُوُفّي ليلة الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ستّ وثمانين، فحُمل فِي الليل من حُلْوَان إلى الفُسطاط، فدُفن بها
حَدَّثَنَا عليّ بْن سَعِيد، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يحيى الأُمَويّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن حُدَيج، عَن ابن أَبِي مُلَيكة، قَالَ: رأَيت عَبْد العزيز مَرْوان حِين حضره الموت، يَقُولُ: «أَلا ليتني لم أكُ شيئًا مذكورًا، أَلا ليتني كُناسة من الأرض أو كراعي إِبِله فِي طرَف الحِجاز من بني نصر بْن مُعاوية، أو بني سعد بْن بَكْر.
فاستخلف عَبْد العزيز عَلَى مِصر أخاه محمد بْن مَرْوان عَلَى الجُند، وجعل مالك بْن شَراحيل الخولانيّ يصلّي بالناس».
قَالَ ابن عُفَير: وليَ عَبْد العزيز مِصر فكان خَراجها وجِبايتها إِلَيْهِ، فلم يُوجد لَهُ نَض إِلَّا سبعة آلاف دينار