للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصل الكتاب إلى عَبْد الملك حتى قُبِض، ووقع الكتاب فِي يد الوَليد بعد أن عزل عبد الله عَنْ مِصر وولَّى قُرَّة بْن شَريك، فلمَّا قرأه الوَليد استضحك، ثمّ قَالَ: لله دَرّه إن كَانَ عنده لآثره من علمٍ، ولقد كَانَ عبد الله غنيًّا أن يتعرّضه "

فحَدَّثَنِي عليّ بْن قُدَيد، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عُفَير، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي القاسم بْن الْحَسَن بْن راشد: " أن يحيى بن حَنْظَلة مَولى بني سَهم نزَّه عبد الله بْن عَبْد الملك إلى مُنية لَهُ بالجِيزة، فما رَأَى طعامًا كَانَ أكثر من طعامه، إنَّ الرجُل من الجُند ليأخذ الخرُوف ما ينازعه أحد، فلمَّا متع النهار أقبل قُرَّة بْن شَرِيك عَلَى أربعة من دَوابّ البَريد إحداهنَّ عليها الفُرانِق، فنزل بباب المجد، ونزل صاحباه، فدخل فصلَّى عند القِبلة وتحوَّل، فجلس صاحباه عَنْ يمينه ويَساره، فأتاهم حرَس المسجد، وكان لَهُ شُرَط يذبُّون عَنْهُ، فقالوا: إِنَّ هذا مجلس الوالي ولكم فِي المسجد سَعَة قَالَ: وأين الوالي؟ قَالُوا: فِي مَنْتَزَه.

قَالَ: فادْعُ خليفته.

فانطلق شُرَطيّ منهم إلى عبد الأعلى فأَعلمه، فقال أصحابه: أَرْسِل إلهي يأْتِك صاغرًا.

قَالَ: ما بعث إليَّ إلَّا وله عليَّ سلطان لسرِجوا.

فركب حتى أتاه فسلَّم، قَالَ: أنت خليفة الوالي؟ قَالَ: نعم.

قَالَ: انطلق فاطبع الدواوين وبيت المال.

قال: إن كُنتَ والي خَراج، فلسنا أصحابك، قَالَ: ممَّن أَنت؟ قَالَ: من فَهْم.

فقال قُرَّة: لَنْ تَجِدَ الفهميّ إلَّا مُحافظًا عَلَى الخلق الأعلى وبالحقّ عالمًا: سَأُثْنِي عَلَى فَهْمٍ ثَنَاءً يَسُرُّهَا أُوَافِي بِهِ أَهْلَ القُرَى والمَوَاسِما فقال: السلام عليكم أيّها الأمير.

وكتب إلى عبد الله بْن عَبْد الملك يُعلمه، فأَتاه الخَبر وقد أُهديَت لَهُ جارية، فبكى ولبِس خُفَّه قبل سراويله دهشًا "، قَالَ: وكتب رجُل من قُرَيش إلى الوليد:

عَجَبًا مَا عَجِبْتُ حِينَ أَتَانَا … أَنْ قَدَ أمَّرْتَ قُرَّةَ بْنَ شَرِيكَ

وَعَزَلْتَ الْفَتَى المُبَارَكَ عَنَّا … ثمَّ فَيَّلْتَ فِيهِ رَأْيَ أَبِيكَ

<<  <   >  >>