المهاجر بن أبي المثنى التجيبي، وكانت عدتهم نحو من مائة، فعقدوا لابن أبي المثنى عليهم عند منارة الإسكندرية، وبالقرب منهم رجل يكنى أبا سليمان، فبلغ قرة ما عزموا عليه فأتى بهم قبل أن يتفرقوا، فأمر بحبسهم في أصل منارة إسكندرية، واحضر قرة وجوه الجند، واحضرهم فسألهم، فأقروا، فتلهم قرة، ومضى رجل ممن يرى رأي الخوارج إلى أبي سليمان فقتله، فكان يزيد بن أبي حبيب إذا أراد أن يتكلم بشيء فيه تقية من السلطان، تلفت وقال: أحذروا أبا سليمان.
ثم قال يوما من ذاك: الناس كلهم أبو سليمان.
وورد كتاب بالزيادة في المسجد الجامع، فأبتدأ في هدم ما كان عبد العزيز بناه لمستهل سنة اثنتين وتسعين، ووفد قرة إلى أمير المؤمنين بوفد أهل مصر، وأستخلف عليها عبد الملك بن رفاعة الفهمي، وابتدأ في بنيان المسجد في شعبان سنة اثنتين وتسعين، وجعل على بنائه يحيى بن حنظلة من بني عامر بن لؤي، وكانوا يجمعون الجمعة في قيسارية العسل، حتى فرغ من بنيانه، وقدم قرة من وفادته في سنة ثلاث وتسعين، فاستنبط الإصطبل لنفسه من الموات وأحياه وغرسه قصبا، فكان يسمى إصطبل قرة، ويسمى أيضا إصطبل القاس، يعنون القصب، كما يقولون قاس مروان، ونصب النبر الجديد في الجامع في سنة أربعة وتسعين، فيقال: أنه لا يعلم اليوم في جند من الأجناد أقدم منه بعد منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ودون قرة الديوان في سنة خمس وتسعين وهو المدون الثالث، ثم توفي قرة بن شريك بها وهو والٍ عليها ليلة الخميس، لست بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين، ودفن في مقبرتها، واستخلف على الجُند والخَراج عَبْد الملك بْن رِفاعة بْن خَالِد الفَهْميّ، فكانت ولاية قُرَّة عليها ستّ سنين إِلَّا أيَّامًا.