ثمَّ ولِيها بشر بْن صَفْوان الكلبيّ من قِبَل يزيد بْن عَبْد الملك، قدِمها لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة إحدى ومائة فجعل عَلَى شرَطه شُعَيب بْن حُميد بن أَبِي الرَّبْذاء البَلَويّ من الموالي، وكانت لجَدّه أَبِي الرَّبْذاء صُحبة، ثمَّ نزع شُعيب بعد أيَّام وولَّاه التابوت، وجعل بِشر أخاه حَنْظَلة بْن صَفْوان عَلَى شُرَطه.
وفي إمرته نزلت الروم تِنّيس عليهم رزين، فقتل ابن أَحمر بْن مَسْلَمة المُراديّ أميرها فِي جمع من الموالي، ولهم يَقُولُ الشاعر:
أَلَمْ تَرْبَعْ فَتُخْبِرَكَ الرِّجَالُ
بِمَا لَاقى بِتِنِّيسَ المَوالِي
وكتب يزيد بْن عَبْد الملك بمنع الزيادة التي كَانَ عُمَر بْن عَبْد العزيز أمر لأهل الديوان بها، فمُنِعوها.
ولما رأَى بِشر بْن صَفْوان افتراق قُضاعة فِي القبائل، كتب إلى يزيد بْن عَبْد الملك يسأَله الإذن لَهُ في استخراج من كَانَ فِي القبائل منهم فيجعلهم دعوةً منفرِدةً، فأَذِن لَهُ يزيد بْن عَبْد الملك فِي ذَلكَ، فأخرج مَهْرة من كِندة، وأخرج تَنُوخًا من الأَزْد، وأخرج آل كعب بْن عديّ التَّنُوخيّ من قُرَيش، وأخرج جُهَينة من أهل الراية، وأخرج حسينًا من لَخْم، فجعلهم مَعَ سائر قُضاعة دعوةً مُفرَدةً، وتدوين بِشر بْن صَفْوان هذا هُوَ التدوين الرابع، لأَنَّ الأول: تدوين عمرو بْن العاص، والثاني: تدوين عُمَر بْن عَبْد العزيز بْن مَرْوان، والثالث: تدوين قُرَّة بْن شَريك، والرابع: هُوَ هذا، ولم يكن بعد هذا فِي الديوان شيء لَهُ ذِكْر إلَّا ما كَانَ من إلحاق قيس فِيهِ زَمن هِشام، وأشياء أحدثها المُسوِّدة من أرباعهم التي أحدثوها منه ثمَّ ورد كتاب يزيد بْن عَبْد الملك عَلَى بِشْر بْن صَفْوان بتأْميره عَلَى إِفريقيّة، فخرج إليها فِي شوال سنة اثنتين ومائة واستخلف أخاه حَنْظَلة بْن صَفْوان عَلَى مصر.