باعتقادك وبقولك ثانيا وبعملك ثالثا وبمخالطتك رابعا إلا أن تحذرهم على نفسك وأهلك ومالك فيجوز لك أن تتكلم بما لا يحل، والقلب مطمئن بالإيمان، وهذا كله محكم فإن الاستثناء ليس بنسخ باتفاق من العقلاء وأرباب اللغة، وكانت التقية في أول الإسلام عمومًا ثم صارت بعد ذلك خصوصا، ولا تزال كذلك إلى يوم القيامة تدعيها كل أمة وتحتج بها كل طائفة، والحق بين فيها واضح منها حتى لقد زعمت الرافضة أن عليا بايع أبا بكر تقية مغلوبا؟ قيل لهم: فلم غزا تحت رايته قالوا: مغلوبا. قيل لهم: فلم أخذ سهمه من الغنيمة وهي حرام عندكم قالوا مغلوبا. قيل لهم فلم استولد من سبي وهي الحنفية فبهتوا.
فأما من قال لا يظهر لهم اللطف فذلك في المحاربين فأما من أمرت بقتله كيف تلطف به، وأما أهل العهد فلا تظهر لهم الغلظة قال الله تعالى:{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}.
وهذا واضح جدًا، وأما اتخاذهم بطانة فإن ذلك لا يجوز وهي نهاية الولاية فأن أول الولائة ملاطفة في القول وآخرها مصافاة بالقلب، وشيء من الولاية لا يجوز فكيف بنهايتها فتبين أن القول الأول أولى من الثاني وأجلب للمعنى منه وأكثر طبقا له.
وأما إشارة السدي إلى أن معناه لا يظهرونهم على عورات المسلمين فهو شرك وقد بريء الله منه، فلم يصح سندًا ولا يصح متنا فإن المعاصي لا يكفر مرتكبها.