الذي هو فرضه أولى وهذا أصل محقق من مسائل الأصول، والأول أقوي فعليه المعول والله أعلم.
[الآية الثانية والثلاثون: قوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء}.]
قال القاضي محمد بن العربي: روى عن سعيد بن المسيب أنه قال: كانت المتعة واجبة لمن لم يدخل بها من النساء في سورة الأحزاب ثم نسختها الآية التي في البقرة، قال الراوي: الآية التي في الأحزاب قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فمالك عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} والآية التي في البقرة {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} وقد بينا في الأحكام حقائق هذه الآية ومعانيها فإنها منها ليست من النسخ في سبيل، لأنه أوجب في سورة البقرة للمطلقة قبل الدخول نصف المفروض ولم يذكر سواه، وأمر في سورة الأحزاب بمتعتها ولم يذكر المفروض فصار ذكرا لحكمين مختلفين في آيتين في نازلة واحدة وهي المطلقة قبل الدخول فاحتمل ذلك أن يكون إيجابا للمفروض والمتعة بقوله:{وللمطلقات متاع} وبقوله: {ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره} واحتمل أن يكون ذلك في هذه النازلة بيانا لحالين إحداهما مطلقة لم يفرض لها والأخرى مطلقة فرض لها، وجاء العموم للمطلقات مطلقا فاختلف لذلك الناس في المتعة وجوبا ومقدارا ووقتا، ولم يكن في شيء ممن ذلك نسخ وإنما كان حملا لمطق على مقيد وعملا بخاص على عام، وتحقيق ذلك في الأحكام فلينظر هنالك إن شاء الله.