للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمد الأقصى، وليس النبي بمانع من المعصية ولا ذلك في قدرته. وإنما هو لله وحده، وليس هو أياض بمحص للاعمال إنما المحصي لها خالقها سبحانه، وإن كان في إقامة الحدود نوع من المنع عن المعاصي ولكنه صلى الله عليه وسلم، كما قدمنا أمر بالاعراض عن المنافقين وقبول المعذرة منهم. وترك العقوبة لهم، ذلك قوله تعالى بعد ذلك {فأعرض عنهم} في الآية الموفية عشرين وليس بمنسوخ كما قدمناه بل كان باقيا إلى استئثار الله برسوله عليه السلام.

[الآية الحادية والعشرون: قوله تعالى: {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك} قال بعضهم نسختها آية السيف.]

قال القاضي ابن العربي رحمه الله:

هذه غباوة. إن الله تعالى لم يقل، فقاتل في سبيل الله لا تكلف أحدا القتال إلا نفسك فحينئذ كان يمكن لمقصر أن يقول: نسختها آية السيف. ولا يتفوه به محقق. فأما وقد قال تعالى: {لا تكلف إلا نفسك} فقد علم كل أحد أن المرء لا يكلف إلا فعل نفسه ولا يكلف أحد فعل غيره، لا النبي ولا سواه، لا يجوز ذلك عقلا ولا شرعا، ومعنى الآية ظاهر لكل ذي تأمل صادق صاف: يا محمد قد أمرناك وأمرنا الناس بالقتال ودعوناهم إلى الإجابة وامتثال الأمر بالطاعة فقاتل أنت في سبيل الله، لا تكلف إلا فعل نفسك، وحرض المؤمنين فليس لك إلا دعاؤهم إلى مجاهدة الكفار ووعدهم ووعيدهم. فأما كفاية الأعداء فعسى الله أن يكف بأسهم والله أشد بأسا وأشد تنكيلا.

<<  <   >  >>