لما أمر الله النبي عليه السلام بالقتال وانقسمت الحال بالمشركين إلى مباين ومتقارب بالعهد، أمر الله نبيه أن كل من أوى إلى معاهد ووصله فله حكم عهده، وأذن له فيمن أراد الانقراد بنفسه فلا يقاتل المسلمين ولا يصل ذا عهد من الكافرين أن يكف عنهم، واستمر الأمر على ذلك حتى أنزل الله براءة بعد الفتح، فأرسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعليا وأبا هريرة رضي الله عنهم لينبذ إلى كل ذي عهد عهده، وكان ذلك أمرا من الله انقاد إليه الكل ورغمت به نفوس الكافرين وخرست ألسنتهم عن أن يقولوا: إن محمدًا اتفق معنا على العهد وحله وحده من غير حدث.
[ذكر آيات العموم والخصوص وعددها ست وعشرون آية.]
الآية الأولى: قوله تعالى: {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} وزعم المتكلمون في هذا الفن أن هذه الآية منسوخة بقوله تعلى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا}. وقال أبو يوسف لعله نسخها قوله تعالى:{ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}.