وأما من قال إنه نسخها آية المائدة فقول ضعيف جدًا لأنا قد بينا مما لا يخفى على أحد أن أقوى شروط النسخ أولاها أولها المعارضة ولا معارضة في آية المائدة وهي قوله تعالى:{إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} وبين هذه الآية التي نحن فيها، في شيء بحال، وهذا مما لا يفتقر إلى بيان، وأما قول الضحاك وأنتم سكارى من النوم، فبعيد لفظا صحيح معنى: أما بعده من جهة اللفظ فلأن النائم لا يسمى سكرانا. وأما صحته من جهة المعنى فلأن سبب الآية ما بيناه من أن النهي إنما وقع عن سكر الخمر.
تكملة: قال أصحاب الشافعي: المراد بهذه الآية لا تقربوا موضع الصلاة يعني المسجد، وهي مسألة اختلف فيها الصحابة رضي الله عنهم فمنهم من أضمر هذا ومنهم من حمله على ظاهر الآية وقد بينا ذلك في كتاب الأحكام وفي مسائل الخلاف، والذي يتعلق بقسم النسخ الذي نحن فيه الآن أن القول بالنسخ لا يتصور فيها كان المراد به نفس الصلاة أو موضعها حسب ما أشرنا إليه والله أعلم.
الآية السادسة عشرة: قوله تعالى: {أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم} إلى قوله بليغا. قال بعضهم: هذا مؤخر ومقدم تقديره فعظهم وأعرض عنهم، وقل له، ثم صار ذلك كله منسوخا بآية السيف.