قدمنا أن هذا الكلام ونحوه يقتضي التخلي والترك، فبذلك المعنى هو المنسوخ بالأمر بالقتال، فقيل له أولا: إن كذبوك فتبرأ منهم وأسلمهم إلى أنفسهم وعرفهم أنه لا يجزي أحد بعمل أحد، وقيل له بعد ذلك: إن كذبوبك فقاتلهم واقتلهم.
[الآية الثانية: قوله تعالى: {أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين} وهذا نحو من الأول والقول فيه قريب منه، فإن الله تعالى أعلمنا بأنه لو شاء لآمن من في الأرض كلهم جميعا بهداه لهم وخلقه للقدرة على الإيمان فيهم، فلا تنس أنه ليس لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله، وأنت يا محمد من وراء النصرة فلم يجعل إليك الإيمان ولا كلفناك الإكراه والإلجاء، ثم أمره بعد ذلك بالقتال والقتل حتى يؤمنوا وذلك هو الإلجاء المحض، والإكراه الخالص.]
[الاية الثالثة: قوله تعالى: {فمن اهتدي فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل} قد تقدم شرحه وأنه منسوخ.]
الآية الرابعة: قوله تعالى: {واصبر حتى يحكم الله} هذا مثله في النسخ، وقد بيناه من نسخ الصبر والإعراض والصفح والترك، والله أعلم.